للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلاحظ أنه إذا تبنت أية حكومة مثل هذا الاقتراح داخليًا، فإن أحدًا لن يقترض إلا للاستثمار، أو بعبارة أخرى سيختفي القرض الخيري أو تزول ناحية الإحسان في القبض، أما المدينون لظروف بيع آجل مثلًا أو لغير ذلك، فسوف يواجهون مشكلات معقدة عند مطالبتهم بالسداد، وفقًا لهذه الوحدة النقدية المستقرة.

وفي رأينا أنه من غير المناسب معالجة مشكلة التدهور في القيمة الحقيقية للعملة الوطنية، بوحدة للتحاسب تكون مستقرة تمامًا، فهذه تسبب مشكلة أخرى؛ إذ إنه لا شيء في هذا العالم مستقر تمامًا. بعبارة أخرى نحن نعرض أنفسنا للخروج من إطار العدالة في هذه الظروف، لذلك لا أرى إطلاقًا أن تتبنى أي حكومة داخل أي بلد مثل هذا الاقتراح، أو ما يشابهه في تطبيق مبدأ التعويض. ومع كلٍّ فلا بأس أن يلجأ البعض كحالات فردية لمثل هذا الأسلوب، طالما كان في إطار تعاقد محدد يتم بناء عليه تحصيل وتسجيل قيمة القرض بعملات أجنبية أو بعملة أجنبية مستقرة، هناك فرق كبير من الجهة الاقتصادية بين أن يتم هذا العلاج في إطار جزئي تحت مسئولية الأفراد، وأن يتم في إطار كلي يشمل الاقتصاد وتحت مسئولية الحكومة.

وثمة دينار إسلامي آخر اقترحه موسى آدم عيسى للتحاسب الآجل، يقول: " على أن تساوي هذه الوحدة الحسابية وزنًا معينًا من الذهب وليكن واحد غرام ". . " ولا يشترط الوجود المادي لهذه الوحدة الحسابية، وإنما تتم المبادلات الآجلة على أساس النسبة الموجودة بين سعر الذهب وسعر العملة الورقية وقت الوفاء بالدين " (١) ولا بأس أيضًا أن يلتجأ الأفراد إلى هذا الحل، ولكنه لا يصح أن يمثل صلب سياسة حكومية رسمية، فالمشكلة في هذا الاقتراح أن قيمة الذهب لم تعد مستقرة، بل هي في تدهور أيضًا، ونحن الآن في السنة الأخيرة من القرن العشرين، وذلك لسبب رئيس، وهو أن عددًا من الدول التي تمتلك أرصدة كبيرة من الذهب كاحتياطيات دولية تتخلص منها الآن بالبيع في السوق العالمي، لقد ولى عصر الذهب، ليس فقط كأساس لإصدار العملات الورقية، بل أيضًا كواحد من الاحتياطيات الهامة للمعاملات الدولية.


(١) موسى آدم عيسى، آثار التغيرات في قيمة النقود وكيفية معالجتها في الاقتصاد الإسلامي، مرجع سبق ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>