للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- المثلي والقيمي وضمانهما لدى الفقهاء:

لكي نقف على رأى بعض الفقهاء في الدين نطرح بعض النصوص:

١- ذكر المرحوم الشيخ ابن زهرة في الغنية:

" وإن كان للدين مثل بإن يكون مكيلا أو موزونا فقضاؤه بمثله لا بقيمته بدليل الإجماع المتكرر؛ ولأنه إذا قضاه بمثله برئت ذمته بيقين، وليس كذلك إذا قضاه بقيمته، إذا كان مما لا مثل له كالثياب والحيوان، وقضاؤه برد قيمته (١) .

وقال أيضا: "من غصب شيئا له مثل - وهو ما تساوت قيمة أجزائه كالحبوب والأدهان وما أشبه ذلك - وجب عليه رده بعينه، فإن تلف فعليه مثله، بدليل قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] ، ولأن المثل يعرف مشاهدة، والقيمة ترجع إلى الاجتهاد، والمعلوم مقدم على المجتهد فيه، ولأنه إذا أخذ المثل أخذ وفق حقه، وإذا أخذ القيمة ربما زاد ذلك أو نقص، فإن أعوز المثل أُخذت القيمة " (٢)

ونلاحظ هنا تركيز المرحوم ابن زهرة على ما يلي:

أ- تعريف المثلي بأنه ما كان مكيلا أوموزونا (في كتاب الدين) ، و (ما تساوت قيمة أجزائه) في كتاب الغصب، والتعريف الثانى أدق، وإن كانا لا يختلفان في النتيجة.

ب- الاستدلال على ضمان دفع المثلى، فيرده إلى الإجماع المتكرر وإلى اليقين بالخروج من العهدة، وأن رد المثلي محسوس، أما القيمة فهي اجتهادية، ويقدم المعلوم المحسوس على الاجتهاد، وأن أخذ المثلي هو أخذ وفق الحق دون القيمي، فقد يزيد وقد ينقص.

فهو إذن هنا يحاول التركيز على مقتضى الحق والعدالة، وهو ما نلاحظه بوضوح في استدلاله في كتاب الغصب بمضمون الآية الشريفة: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤]


(١) الغنية المطبوعة في الجوامع الفقهية، ص ٥٣٧.
(٢) الغنية المطبوعة في الجوامع الفقهية ٥٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>