للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتوى مفتي المالكية في زكاة الكاغد وفي فتاوى أبي عبد الله محمد عليش مفتي المالكية ما نصه: "ما قولكم في الكاغد الذي فيه ختم السلطان ويتعامل به كالدراهم والدنانير، هل يزكي زكاة العين أو العرض أولا زكاة فيه؟ " فأجبته بما نصه: "الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله: لا زكاة فيه؛ لانحصارها في النعم وأصناف مخصوصة من الحبوب والثمار والذهب والفضة، ومنها قيمة عرض المدير، وثمن عرض المحتكر والمذكور، وليس داخلاً في شيء منها، ويقوي ذلك أن الفلوس النحاس المختومة بختم السلطان المتعامل بها لا زكاة في عينها لخروجها عن ذلك، قال في المدونة: ومن حال الحول على فلوس عنده قيمتها مائتا درهم فلا زكاة عليه إلا أن يكون مديرًا فيقومها كالعروض. انتهى. وظاهر قوله في المدونة: "إلا أن يكون مديرًا فيقومها كالعروض" أي كعروض التجارة أنها تقوم مطلقًا، سواء كانت سلع تجارة أو أثمانًا فيها، وحينئذ فيقومها كالعروض وتزكي زكاتها، أي باعتبار قيمتها لا باعتبار عينها. وأما إذا كانت مدخرة عنده أو مستعملة في قضاء حوائجه المستهلكة أو المقتناة، فلا زكاة فيها لا باعتبار عينها ولا باعتبار قيمتها على المشهور.

والحاصل أن الكواغد التي يتعامل بها في بعض البلاد كالدراهم والدنانير إن استعملت في التجارة ثمنًا أو مثمنًا زكيت زكاة عروضها؛ بشرط أن يتوفر فيها شروط زكاة العرض، وإن لم تستعمل كذلك فلا زكاة فيها، وذلك ما يقتضيه تسويتها بالفلوس النحاس، فإن أصلها عروض كالكواغد جرى التعامل بها أثمانًا للأشياء كما يتعامل بالدينار والدرهم، وغايته أن الفلوس قد قيل بزكاتها كالنقدين باعتبار قيمتها وقد علمت مبناه، وأنه إلحاقها بالنقدين أو عروض التجارة فيجري مثله في الكواغد وقطع الجلود؛ لأنها أثمان تعومل بها وأصلها من العروض كالنحاس والرصاص سواء. وقد علمت قول الحنفية في ذلك، وأن جعلها أثمانًا رائجة بمنزلة كونها سلعًا للتجارة، وظاهره سواء استعملها المالك في حوائجه أو التاجر في سلعته فتزكى باعتبار قيمتها الوضعية، أي إن تحقق النصاب فيها لا يكون إلا باعتبار قيمتها ذهبًا أو فضة، مهما بلغ عددها أو وزنها فهي شبيهة بالعروض والنقدين، وظاهر أن السؤال والجواب مفروضان في الكاغد الذي يتعامل به في غير التجارة كالمدخر أو المستعمل في حوائجه المستهلكة أو المقتناة فإنه لا زكاة فيه على المشهور مطلقًا، لا زكاة عين ولا زكاة عرض، أما إذا تعومل به في التجارة فيزكي زكاة العرض بشرطه كالفلوس الجدد كما تقدم".

<<  <  ج: ص:  >  >>