للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

الحلول المطروحة لعلاج آثار التضخم (تغير قيمة العملة)

عرض وتقويم

يلاحظ القارئ لما قدمه الفقهاء المعاصرون والاقتصاديون الإسلاميون من حلول لعلاج آثار مشكلة التضخم أو تغير القيمة الحقيقية للنقود، أن هناك تنوعًا بل اختلافًا واسعًا في المواقف والاتجاهات ينتج عنها وجود العديد من الحلول المطروحة. وليت هذا الحشد من الحلول كان من قبيل توارد الحلول من قبل كل الفقهاء، بمعنى أنهم جميعًا أجازوًا كذا، وهم جميعًا أجازوا كذا، لو كان الأمر على هذا النحو لكان الأمر في غاية اليسر، لكننا أمام حلول متغايرة متخالفة، فالذي قال بالحل الأول رفضه من قال بالحل الثاني، ومن قال بالحل الثاني رفضه من قال بالحل الثالث، وهكذا في معظم الحلول المطروحة وإن لم يكن في كلها.

وهذا ما يعقّد المسألة، حيث يتطلب الموقف المقارنة والمفاضلة والترجيح.

وقد يكون من المفيد محاولة التعرف على منشأ هذا الخلاف الواسع في المواقف والاتجاهات. وفي اعتقادي أن وراء ذلك عوامل عديدة أهمها ما يلي:

١- اختلافهم في فهم مواقف الفقهاء القدامى وتوجيهاتهم لها، فالبعض يرى في موقف أبي يوسف كذا ويبني على ذلك الفهم ما يراه، والبعض يفهم موقف أبي يوسف على منحنى آخر، وهكذا.

٢- اختلافهم في تكييف النقود المعاصرة وعلاقتها بكل النقود الأصلية والفلوس، فبرغم اتفاق الجميع على أنها نقد كامل النقدية، فإنهم في مسألتنا هذه يختلفون اختلافًا شديدًا حول: هل هي مثل النقود الذهبية والفضية في كل شيء أم في أشياء دون أشياء؟ وهل هي مثل الفلوس في كل شيء أم في أشياء وأشياء؟ وهل تلحق بهذه في حال وبتلك في حال أخرى؟ تنوعت المواقف. ولو نظر الفقهاء المعاصرون جيدًا في النظام النقدي القائم حاليًا وفي النظام النقدي الذي كان ساريًا في الماضي؛ لعلموا أن هناك فروقًا جوهرية بين النظامين، ولسهل عليهم التعرف على حقيقة النقود المعاصرة وعلاقتها بالنقود القديمة.

٣ -اختلافهم حيال قضية المثلي والقيمي التي شاعت في الفقه الإسلامي، من حيث ما هية وحقيقة كل منهما، ومن حيث تفريع الأحكام الشرعية على التمييز القائم بينهما. وبالتالي من حيث إدخال النقود المعاصرة تحت دائرة كل منهما.

٤- اختلاف أفهامهم للأساليب والأدوات الإحصائية والاقتصادية، ولما تحدثه من آثار عند استخدامها.

<<  <  ج: ص:  >  >>