الطفولة قاعدة بناء الشخصية الإنسانية، وانطلاقتها الأولى، ومرتكز تكوين الإنسان تكوينًا قويًا وسليمًا من النواحي المختلفة: الجسدية المادية، والصحية، والنفسية، والاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية. ويتأثر الكبار عادة بما تعودوا عليه في مرحلة الصغر، ولا يمكن لإنسان أن ينسى تلك المرحلة بما لها من حسنات أو إيجابيات، وما عليه من هنات وعثرات أو سلبيات، وتظل ذاكرته لأحداث الطفولة راسخة، وتنطبع أو ترتسم في مخليته منذ عهد المهد صور الحياة التي يمر بها، قال ابن سينا في الطفل أو الإنسان عامة:
أتزعم أنك جرم صغير
وفيك انطوى العالم الأكبر
أ- اعتناء الفقهاء بأحكام الصغار في شتى الأبواب الفقهية وفي كتب الأشباه والنظائر:
وعلى الرغم من كون بدء التكليف الشرعي من تاريخ البلوغ الطبيعي أو من سن الخامسة عشرة، وأن مرحلة الطفولة معفاة من التكاليف الشرعية غالبًا أو في الجملة، عملًا بالحديث الثابت:(( ((رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر)) )) (١) . إلا في الجنايات، فإن فقهاء الإسلام في مختلف الأبواب الفقهية يذكرون أحكامًا فقهية متناثرة كثيرة متعلقة بالصغار، دون إفراد أو تمييز مستقل لها عن بيان أحكام الكبار.
(١) أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها. وفي رواية: ((رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم)) . أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم عن علي وعمر، وهو صحيح.