للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أحكام الجنين أو أحكام الاجتنان (١) : فتعرف من خلال إثبات أهليته، والأهلية نوعان: أهلية وجوب، وأهلية أداء، وكل من النوعين إما ناقصة وإما كاملة، بحسب أدوار أهلية الإنسان من مبدأ الحياة إلى وقت البلوغ (٢) .

طور الاجتنان: إن أهلية الوجوب الناقصة تثبت للجنين في بطن أمه، فيكون أهلًا لأن تثبت له حقوق فقط، دون أن تترتب عليه واجبات، بشرط ولادته حيًا، فإن الجنين تثبت له حقوق أربعة لا تحتاج إلى قبول، وهي:

١- حقه في النسب من أبويه وأسرته.

٢- حقه في الميراث من مورثه لتفرعه عن النسب.

٣- استحقاق الوصية، أي ما يوصى له به حال كونه جنينًا.

٤- استحقاق الوقف، أي ما يوقف عليه من قريب أو بعيد.

ولا تجب عليه لغيره واجبات أو التزامات.

ويترتب عليه أن الحقوق التي تحتاج إلى قبول كالشراء والهبة لا تثبت له؛ لأن الجنين ليست له عبارة، وكذلك لا تصح الهبة منه والصدقة والشراء له، فمن وهب له شيئًا أو اشتراه له من أب أو غيره، فلا يملكه، ولا يجب في ماله شيء من نفقة أقاربه المحتاجين.

والسبب في نقص أهلية الجنين اعتباران: اعتبار بأنه جزء من أمه، واعتبار بأنه نفس مستقلة، فبحسب الاعتبار الأول لم يجعل له ذمة كاملة صالحة لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات، وبالاعتبار الثاني جعل له ذمة ناقصة تؤهله لاكتساب الحقوق فقط.

ونظرًا لأن وجود الجنين محتمل، فربما يولد حيًا أو ميتًا، فقد اشترط الفقهاء لاستحقاقه الحقوق المالية أن ينفصل حيًا، فلو انفصل ميتًا لم يكن الموصى به لورثته، والميراث الموقوف له من تركة مورثه يبقى على ذمة المورث الأصلي ويوزع لبقية الورثة.


(١) أي مدة كون الإنسان جنينًا، أي حملًا في رحم أمه، منذ العلوق إلى الولادة، ومن المعلوم أن أدوار الأهلية تنقسم إلى خمسة أطوار أساسية: طور الاجتنان، وطور الطفولة، وطور التمييز، وطور البلوغ، وطور الرشد.
(٢) التقرير والتحبير: ٢ / ١٦٦ وما بعدها؛ مرآة الأصول: ٢ / ٤٢٥ وما بعدها؛ فواتح الرحموت: ١ / ١٥٦ وما بعدها؛ حاشية نسمات الأسحار، ص ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>