وفي مرحلة الطفولة (من الولادة حتى سن السابعة عند الحنفية والمالكية، وتمام السابعة عند الفقهاء الآخرين) : تثبت للطفل أهلية وجوب (١) كاملة، لاتفارقه في جميع أدوار حياته، فيصلح لتلقي الحقوق والالتزام بالواجبات.
غير أن الصبي قبل سن السابعة ليس له إلا أهلية وجوب كاملة، فيصلح لاكتساب الحقوق وتحمل الواجبات التي يجوز للولي أداؤها بالنيابة عنه، كالنفقات والزكاة وصدقة الفطر. وليس له أهلية أداء مطلقًا لضعفه وقصور عقله، وإذا كلف ببعض الواجبات المالية، فيكون الخطاب الشرعي موجهًا لوليه أو لوصيه، وليس هو المخاطب، مثل الزكاة في ماله في رأي الجمهور غير الحنفية، وضمان المتلفات والجنايات.
وفي مرحلة التمييز (من سن السابعة حتى البلوغ) : تثبت للطفل أهلية أداء ناقصة، ولكن يميز بين حقوق الله تعالى وحقوق العبادة.
أما حقوق الله تعالى: فتصح من الصبي المميز كالإيمان والكفر والصلاة والصيام والحج. ولكن لا يكون ملزمًا بأداء العبادات إلا جهة التأديب والتهذيب، ولا يستتبع فعله عهدة في ذمته، فلو شرع في صلاة لا يلزمه المضي فيها، ولو أفسدها لا يجب عليه قضاؤها عند الحنفية القائلين بوجوب إتمام النافلة بعد الشروع فيها.
لكن اختلف الفقهاء في صحة الكفر من الصبي (الردة) بالنسبة لأحكام الدنيا، مع اتفاقهم على اعتبار الكفر منه في أحكام الآخرة، فيرى أبو حنيفة ومحمد: أنه تعتبر منه ردته فيحرم من الميراث وتبين امرأته.
ويرى أبو يوسف والشافعي: أنه لا يحكم بصحة ردته في أحكام الدنيا؛ لأن الارتداد ضرر محض لا يشوبه منفعة، وهو لا يصح من الصبي، فلا يحرم من الإرث ولا تبين امرأته.
(١) أهلية الوجوب: صلاحية الإنسان لأن تثبت له حقوق وتجب عليه واجبات، وأساس ثبوتها وجود الحياة.