وبعد المؤتمر الثاني للمجمع ظهر كتاب "فقه الزكاة" للأستاذ يوسف القرضاوي وكان للكتاب أثره الواسع في هذا المجال. وانتهى فضيلته في المستغلات إلى رأي حلقة الدراسات الاجتماعية مع شيء من التعديل، يحث رأي إسقاط ما يقابل استهلاك العين، فالعين المستغلة لها عمر زمني مفترض، واقترح عدم تزكية الربع أو الثلث كما كان يحدث عادة في الخرص.
وهذا الرأي كأنه وسط بين الرأيين.
وينتهي الأمر إلى مؤتمر الزكاة الأول الذي شرفت بحضوره. وذكرت في اجتماع اللجنة العلمية ما يؤيد المؤتمر الثاني لمجمع البحوث، مستدلًا بما يأتي:
١- المستغلات في عصرنا لا أصل لها في تاريخ أمتنا، حيث كان المسلمون يؤجرون البيوت، والحوانيت، والحمامات، والدواب، وغيرها، ورأي الأئمة الإعلام أن الغلة تزكى زكاة نقود، وما قال أحد بقياسها على الزرع.
٢- الزكاة عبادة، والقياس في العبادة قد يكون غير جائز.
٣ – ولو أخذنا بالقياس نظرًا للجانب المالي، فهو هنا قياس مع الفارق، لأن المستغل ليس كالأرض، فقد يهلك في لحظة: فتحترق الطائرة، وتغرق السفينة، وتنهدم العمارة، والأرض باقية إلى أن يأذن الله عز وجل في زلزلتها.
والغلة ليست كالزرع لأنها تزكى كل حول، أما الزرع فبعد أن يزكى، إذا ادخر سنوات فلا يزكى مرة ثانية، إلا إذا أصبح عروض تجارة.
ولذلك بين الإمام الشافعي الفرق بين النقدين والزرع بقوله في رسالته (ص٥٢٧- ٥٢٨) :
" ... وأني لم أعلم منهم مخالفًا في أني علمت معدنا فأديت الحق فيما خرج منه، ثم أقامت فضته أو ذهبه عندي دهري، كان على في كل سنة أداء زكاتها، ولو حصدت طعام أرضى فأخرجت عشرة، ثم أقام عندي دهره، لم يكن على فيه زكاة ".
ولكن هذا الرأي رفضه الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي، والأستاذ الدكتور مصطفى الزرقاء، وهو أحد الذين حضروا الدراسات الاجتماعية، وقد رد قائلًا بجواز القياس هنا، وبأن هذا القياس قياس محكم.