للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرض والمناقشة

١٠/٤/ ١٤٠٦- ٢٢/١٢/١٩٨٥

الساعة ١٦.٢٠ – ٢٠.٢٠

الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

نبحث الآن موضوع " زكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية " وأمامكم فيه بحثان: أحدهما لفضيلة الشيخ القرضاوي، والثاني لفضيلة الشيخ علي بن أحمد السالوس، وقد ترون مناسبًا أن يتفضل الشيخ يوسف القرضاوي بعرض موجز عن البحث في هذا الموضوع يعتمد النظرة الفقهية من خلال الاختلاف والدليل فليتفضل مشكورًا.

الشيخ يوسف القرضاوي:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، {رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} ، اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، وبعد.

هذا الموضوع الذي قدمت لأتحدث عنه، ليس جديدًا عليكم وهو في كتابي " فقه الزكاة" وأعتقد أنكم تعرفونه، لذلك فأنا أجد من العسير أن أكرر نفسي لهذا فأنا ألخص تلخيصًا ربما كان مخلًا كالتلخيص الذي لخصه مجموع ملخصات البحوث وهو في الحقيقة ملخص تلخيصًا شديدًا جدًا لا يمكن أن يفي ببعض ما في الموضوع من أساسيات.

الذي أريد أن أؤكد عليه هنا أن الشريعة لا تفرق بين متماثلين كما أنها لا تجمع بين مختلفين، وأن أحكام الشريعة في جملتها معللة مفهومة، وأن جمهور فقهاء الأمة يعللون الأحكام، وهذا ما جعلنا ننظر في وعاء الزكاة أو الأموال التي تجب فيها الزكاة على أساس هذه النظرة، وأن سبب إيجاب الزكاة كما نص كثير من الفقهاء هو المال النامي، النامي حقيقة أو النامي تقديرًا، النامي أو القابل للنماء، ومعنى أنه نام أنه يدر كسبًا وإيرادًا لصاحبه، وبناء على هذا قلنا: إن الأموال النامية تختلف من عصر إلى عصر، ربما كانت هناك أموال في عصر النبوة وفي عصر الصحابة ليس لها نماء أصبحت في عصرنا أموالا نامية بل من أكبر الأموال النامية وأكثرها وأشهرها، ومن هنا ظهرت أشياء لعلها لم تظهر عند الفقهاء السابقين فلم يكن عندهم ما يجعلهم يجتهدون فيها، والاجتهاد وليد مشكلة يجدها الفقيه فيبحث ويجتهد، فإذا لم توجد أو وجدت على سبيل الندرة، لم يكن هناك حاجة للاجتهاد ربما وجدت بعد عصور الاجتهاد ولكن في عصور التقليد، قلما نجد قولًا إلا أن يردد أقوال السابقين، هذا ما جعلنا ننظر في المستغلات أو أو الأراضى والعقارات , العقارات والمصانع ونحوها التى سماها بعض الفقهاء " المستغلات " وهو ما تبقى عينه وتتجدد منفعته بخلاف الأِشياء التي تعد للتجارة في العين تنتقل من يد إلى يد، هذا الأشياء رأيناها في عصرنا في مثل العمارات السكنية وفي مثل المصانع التي تنتج ويباع نتاجها في الأسواق، ماذا ينبغي أن ننظر إلى هذه الأشياء، ربما إذا نظرنا إلى الفقه التقليدي أو المشهور فيه نقول: لا شك فيها حتى يأتي منها بعض المال ويحول عليه الحول فتجب فيه الزكاة، ولكن إذا لم يحل عليه الحول كما يحدث فعلًا، فإن كثيرًا من أصحاب هذه العمارات والمصانع لا يبقى في يدهم مال يحول عليه الحول، لأن المال يتحول للانتاج مرة أخرى، لا يبقى عنده سيولة، أكبر التجار والرأسماليين ليس عندهم مال سائل، لأن المال يعمل باستمرار من شيء إلى شيء فربما تمر السنون تلو السنين ولا تجب عليه زكاة قط، فهل قصد الشارع أن يعفى هؤلاء من الزكاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>