حتى زمن قريب لم يكن هنا عدد من المئويين (وهم الذين تبلغ أعمارهم مائة أو تزيد) يكفي لاعتبارهم مجموعة منفصلة عن بقية المسنين، أما الآن فقد أدت الزيادة الكبيرة في أعدادهم لجعل أكبر الهيئات العالمية المتخصصة في شؤون السكان، وهي قسم السكان التابع للأمم المتحدة، تعيد صياغة تعريفاتها المعتمدة، فاصطلاح (المسن Elderly) يعني الآن ذلك الشخص الذي يبلغ الخامسة والثمانين من العمر أو أكثر، وليس الخامسة والستين كما كان يشير إليه التعريف منذ زمن قريب.
ففي عام (١٩٩٨م) كما يقول التقرير المذكور، كان هناك نحو (١٣٥) ألف شخص في جميع أنحاء العالم يُقدّر أن أعمارهم تبلغ المائة أو تزيد، ومن المتوقع أن يزيد عدد المئويين ستة عشر ضعفًا بحلول عام (٢٠٥٠م) ، ليصل إلى (٢.٢ %) مليون شخص.
وقد انخفضت المعدلات الكلية للوفيات في أغلب بلدان العالم خلال القرن العشرين، وأسهم في تحقيق هذه النتيجة العديد من العوامل المتشابكة، مثل تحسين مستويات الصحة العامة والتغذية، بالإضافة إلى التقدم الذي تحقق للبشرية في مجال الطب، مثل استخدام المضادات الحيوية واللقاحات المضادة للأمراض المعدية، ويساعد التطور الاقتصادي، بصورة عامة على بقاء الناس على قيد الحياة لفترات أطول.
والنساء يعشن بصورة عامة لفترات أطول من الرجال، وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى وجود امرأتين لكل رجل فوق سن الثمانين، أما بين المئويين، فترتفع تلك النسبة إلى أربع نساء لكل رجل (١) .
ويرى العلماء أنه مع ازدياد أعداد المئويين، فلن يصبحوا عبئًا ثقيلًا على اقتصاد البلدان التي يعيشون فيها، فعلى العكس من النظريات السائدة لتفسير الشيخوخة، فالكثير من الأشخاص في أواخر التسعينات من أعمارهم أو يزيد، يعيشون حياة فاعلة وصحية. وإذا كان هؤلاء يمثلون مجموعة (البقاء للأصلح) ، فربما حان الوقت لكي ننبذ مفاهيمنا السابقة عن أكبر المعمرين في مجتمعنا المعاصر.
(١) المئويون قادمون، د. إيهاب عبد الرحيم محمد، العربي، سبتمبر ١٩٩٩م.