للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التغيرات الفسيولوجية في الشيخوخة:

الشيخوخة عبارة عن تطور طبيعي وبيولوجي يحدث في أجهزة الجسم المختلفة مع تقدم السن. وحتى وقت قريب كان الناس والعلماء منهم ينظرون إلى الشيخوخة على أنها حدث لا يمكن أن نتجنبه أو نؤخر حدوثه ومضاعفاته، فالمسن ينظر إليه الناس على أنه إنسان عديم الفائدة للمجتمع، فلم يعد له دور يلعبه، وأكثر من ذلك فهو يحتاج لمن يرعاه ويأخذ بيده، فيكون بذلك عالة على الآخرين.

إلا أن الدراسات الحديثة أكدت أن هناك أشخاصًا بلغوا سن المائة وأكثر، وهم في حالة صحية جيدة سواء من الناحية الذهنية أو البدنية، ولا يعانون من أية أمراض عضوية. ومن الطبيعي أن نجد في الشيخوخة ومع تقدم العمر نقصًا في نشاط بعض أنزيمات الجسم، واضطرابًا في توازن بعض العناصر مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكلور داخل وخارج الخلية. لذلك من الحكمة أن يقلل المعمر من ملح الطعام في أكله، كما يقلل تناول السكريات بصفة عامة، حيث يقل إفراز الإنسولين بنسبة تتراوح بين (٧ – ١٠ %) .

وأثبتت الأبحاث أن هناك انخفاضًا في مناعة المسن، حيث تنخفض قدرة نخاع العظم وهو المصنع الذي تصنع فيه خلايا الجهاز المناعي، لذلك يجب على المسنين أن يزيدوا من حرصهم على ألا يلتقطوا العدوى من الآخرين؛ لأن كفاءة الجهاز المناعي في تكوين الأجسام المضادة للميكروبات تقل (١) .

وتنتاب المسنين انفعالات ومخاوف عديدة، ربما كان من أهمها الشعور بالخوف ومواجهة النكران، والخوف من أن يخذل الجسد صاحبه ولا يقوى على حمله فيعوزه إلى الآخرين، والأقسى من ذلك أن يضعف الإنسان عقليًا، عندما تخونه ذاكرته، فلا يستطيع أن يتكلم بوضوح أو يعبر عما يريد.

والحقيقة أن الإحساس بالكبر والشيخوخة إنما هو إحساس نسبي، فنحن نشعر أننا نكبر من خلال تغيرات جسدية ومظهرية، عندما يغزو الشعر الأبيض الرأس وتظهر تجاعيد الوجه، ويعجز الإنسان عن عمل أشياء كان يفعلها بسهولة في سن الشباب.

وكثير من الناس يخشون من العجز والشيخوخة أكثر من خشيتهم للموت نفسه. وكم يقع المسن في حرج بالغ عندما يرى أحد أقاربه ولا يتذكر اسمه، وعندما يسأل ولا يستطيع الإجابة، أو عندما لا يستطيع حمل حاجياته بنفسه.

وربما كانت الكلمة التي قالها أحد المعمرين في عيد ميلاده الخامس والثمانين خير تعبير عن التغيرات التي تحدث للمسن حين قال:

" طالما أنني جالس فأنا لا أشعر إطلاقًا بتقدمي في العمر، ولكن عندما أقف وأنظر في المرآة وأحاول أن أمشي، أدرك أنني أصبحت شيخًا عجوزًا ".


(١) شباب بلا شيخوخة، د. عبد الهادي مصباح، ص ٤٣ – ٤٨ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>