للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أيها السادة:

سوف نودع بعد أيام قليلة اثني عشر شهرا ًمضت من القرن الجديد الحادي والعشرين بعد توديعنا للقرن العشرين، واستقبال هذا القرن مناسبة فريدة للتأمل في حاضر العالم الإسلامي والتطلع إلى مستقبله.

إن دورتكم التي تنعقد في مستهل هذا القرن لفرصة من أفضل الفرص لتوضيح الرؤية لأبناء العالم الإسلامي والإجابة على التساؤل الذي يشغل بال الأمة اليوم، وهو كيف يستقبل العالم الإسلامي القرن الحادي والعشرين علمياً وثقافياً ودينياً دون التفريط في تراث ماضيه المجيد، وكيف يمهد علماء الأمة وفقهاؤها الطريق الصحيح للأمة؟

إن لنا فيمن سبق من أسلافنا العلماء في القرن الماضي أسوة حسنة، إذ أبلوا البلاء الحسن في إعلاء كلمة الإسلام وتنقيته من رواسب الجمود والبدع، كي يكون الدين في الزمن المعاصر أدخل وأعلق بمصالح العباد.

ألم تعلن بعض القوى العالمية في القرن الماضي حرباً هوجاء كما هو الحال اليوم على الإسلام وأهله، متهجمة عليه كأعنف ما يكون التهجم، لا لشيء إلا لأنه تأسست على أركانه حضارة شامخة وقفت حجر عثرة في وجه قوى الطمع والاستغلال والشر كافة، وأنتم أيها السادة أعلم الناس بالمساجلات والمناظرات التي دارت في الماضي بين رجال العلم المسلمين وبين من ناصبوهم العداء وألصقوا بهم صفة الجمود والتعارض مع العلوم والتطور والتمدن، فما أشبه الليلة بالبارحة.

لقد شهدت السنوات الأخيرة من القرن المنصرم ومطلع هذا القرن بروز ظاهرة العولمة التي تتربع على عرشها الدولة العظمى المتفردة بقوتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتدور في فلكها توابع أخرى كثيراً ما تناصب العداء للإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>