وفي عهد الانتداب البريطاني فيما بين ١٩٢٠ م - ١٩٤٨ م بدأت أفواج المهاجرين من اليهود تتتابع. وبذلك نما عددهم، وازداد في كل مرحلة من المراحل على
التي قبلها. وإذا كان عدد جملة سكان فلسطين سنة ١٩٢٥ م يقدر بـ (٧٥٢٠٤٨) نسمة، فإن نسبة اليهود منهم تقل (١٠ %) إذ بلغ عددهم في تلك
الفترة (٧٣٧٩٠) ثم ارتفع عددهم سنة ١٩٢٩م إلى أن وصل (٢٥٠٠٠٠) نسمة، وازداد في ١٩٤٩م إلى نحو من الضعف، وبلغ (٤٤٢٠٠٠) . وذكرت المصادر: أن جملة
اليهود في عهد الانتداب بلغ (٤٨٢٨٦٧) في حين أن المسموح به والمحدد للهجرة اليهودية في تلك الفترة لا يجوز أن يفوت (٧٥٠٠٠) .
وتعليل هذا يرجع إلى أن المندوب السامي البريطاني أحد القادة اليهود السير هربرت صموئيل اضطلع بمهمة إعطاء الصبغة الرسمية للوكالة اليهودية، وأشركها في صياغة القوانين
واللوائح والأنظمة الأولى. وبإثر تيسيره للهجرة مكنت الوكالة اليهود من تملك الأراضي، ومنحتهم امتيازات اقتصادية جعلتهم يسيطرون بالتدريج على اقتصاد البلاد، معرضين
اقتصاد العرب للخطر، حتى يزعزعوا تمسكهم بالأرض فينزحوا عنها، ويتمكن اليهود من الاستيلاء عليها واستيطانها من بعدهم. وقد مكن المندوب السامي الوكالة اليهودية من
الاشتراك في إدارة البلاد، والقيام بتنظيم اليهود، وتسليحهم وتدريبهم، وتشكيل العصابات منهم. وهكذا يكون الانتداب البريطاني هو الذي منح في القانون العام - كما أعلنت
ذلك بربارة توفمان - مجالًا لإعادة إسرائيل إلى فلسطين. وهو ما يفسر الزيادة المطردة للمهاجرين من اليهود إليها.
وتم إعلان قرار التقسيم يوم ٢٩ نوفمبر ١٩٤٧م الذي رفضه العرب ووافقت عليه (٣٣) دولة، ورفضته (١٣) دولة منها، وامتنعت (١٠) دول من
المشاركة في التصويت، وتغيبت دولة واحدة عن هذه العملية، بحيث صدر هذا القرار بتصويت (٣٣) دولة من مجموع (٥٧) لفائدته.
ولهذا السبب أيضًا تجدد تدفق اليهود على فلسطين، وزاد عددهم. ففي ١٩٤٧م كانت جملة عدد سكان فلسطين
(١٩٣٣٦٧٣) ، منهم (١٦ %) من اليهود.