علل اليهود هجرتهم إلى فلسطين بأنواع من الحقوق يطالبون بها، هي الحق الديني لاعتبارهم فلسطين أرض الميعاد، والحق التاريخي
الذي يدعونه لأنفسهم، ويحرصون بشتى الطرق على إثباته وهو القائم على إحياء مملكة داود والتجمع حول هيكل سليمان، والحق القانوني الذي أكسبهم إياه في نوفمبر
١٩١٧م، وعد آرثر جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا للورد روتشلد بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وقد جاء فيه:"إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين الارتياح إلى إنشاء وطن قومي في فلسطين، للشعب اليهودي، وستبذل
أطيب مساعيها لتسهيل بلوغ هذه الغاية ".
وبدأت المساعدة على هجرة اليهود إلى فلسطين قبل هذا التصريح وبعده. وقامت جمعيات التهجير ومكاتبه في تركيا وروسيا وألمانيا وإنجلترا وأمريكا وغيرها بابتياع ما أمكن من الأراضي في بلاد المهجر.
وهو ما لفت انتباه الإمام محمد رشيد رضا فقام بالاستنكار والتدخل، ودعا إلى عدم بيع الأراضي إطلاقًا، معلنًا أن من يبيع أرضه لليهود الصهيونيين في فلسطين، والذي يسعى في شراء أراضي غيره لهم، من سمسار ونحوه، هو كالذي يساعد أي قوم من الأجانب على ما يحاولونه من غزو لبلادهم، وأن غزو
الأجنبي لدار الإسلام لهو شر من كل ما سبقه من الغزوات السياسية والدينية على اختلاف أسمائها في هذا العصر، لأنه سلب لحق أهل وطن في ملك
بلادهم، وأن فقد فلسطين لخطر على بلاد أمتنا المجاورة لهذا الوطن.