للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الأعراف: ١٨٩] .

وقد صرح نبي الإسلام بهذه الوحدة الإنسانية الشاملة في سنته البيانية لما أنزل عليه بقوله: ((كلكم لآدم وآدم خلق من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى)) . وقد ألقى كافة المقاسات والموازين البشرية التي قد يستغلها بعضها ضد بعضها الآخر فردًا كان أو جماعة، شعبًا أو سلطة، من فقر أو غنى، أوجاه أو سلطان، أو حسب أو نسب، أو بياض البشرة أو سوادها، أو عربية اللسان أو عجمتها، الكل سواء في ميزان الحق الإلهي الذي خلق الكل من تراب مجسدًا في أصلها آدم، الذي خلقه الله بيده، واصطفاه نبيًا إلى ذريته، وخاطبه بكلامه، وأسجد له ملائكته، وجعله خليفته في أرضه، وأتمنه بالأمانة التي عجزت عن حملها السموات والأرض والجبال، وجعل خلق السموات والأرض واختلاف الألسن والألوان وتعاقب الليالي والأيام، آيات بالغات للتفكر والاعتبار. وأوضح القرآن الكريم بأن اختلاف الألوان والأجناس والألسن من آيات عظمة الحكمة الإلهية وبديع صنعها، ولا يصح أن تكون معارضًا لأصل الوحدة الإنسانية، كما لا يصح بأي حال من الأحوال أن تكون سببًا للنزاع أو الخصام، أو للتعالي بالحسب والنسب، أو التباهي بالجاه والمال وعزة السلطان، أو للقهر والتسلط والاستغلال، بل يجب أن نكون سببًا لإرساء دعائم التعارف والتواد وغاية لترسيخ موازين العدل والمساواة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>