للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا صريح القرآن بأن حكمة الاختلاف للتعارف لا للتناكر ولا للاستغلال والتظالم. والتعارف المقصود من الآية الكريمة وغيرها من الآيات القرآنية ونصوص السنة النبوية البيانية، ليس فقط المعرفة المجردة التي لا تحقق الحكمة الإلهية من التعارف، بل المقصود بالتعارف الذي يحقق الحكمة الإلهية هي المعرفة المثمرة التي تتعاون وتتلاقى فيها كل القوى الإنسانية الخيرية لخير الإنسان، ويتحقق خير الأرض لابن الأرض، وبذلك تتبادل المنافع، وينتفع ابن الأرض بخير الأرض كلها. وذلك هو التعارف الذي أشارت إليه النصوص القرآنية والنبوية، ويدخل في هذه النصوص أسس العلاقات الدولية التي مازالت تحكمها قوانين التمييز العنصري، وطغيان جبروت القوة الظالمة وتحكم الشعوب القوية بالشعوب الضعيفة، والتي تتعارض صراحة مع مبادئ العلاقات الاجتماعية الدولية في نصوص الإسلام الصريحة وسنة بيانه الواضحة.

لقد وضع نبي الإسلام الإطار الإلهي الصحيح لحرية الإنسان وحقوقه في إطار الأسرة الإنسانية الشاملة وليس بمعزل عنها، فقال عليه الصلاة والسلام: ((أحب لأخيك ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لنفسك)) وتخرج مبادئ الحرية الإنسانية وكرامة الإنسان من فؤاده وفمه تشع نورًا من سناها الغامر، فيقول لبعض من وقف أمام عظمة شخصه النبوية، التي تهبط عليها ملائكة السماء صباحًا ومساء، خاشعًا واجفًا لجلال المهابة: ((هون على نفسك إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بمكة)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>