للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما وضع الأحبار التلمود بعد حوالي قرنين على ولادة عيسى عليه السلام، وجعلوه شريعة بني إسرائيل، وهو يحوي على تعاليم شفوية وشروحات وتفاسير كتبها الأحبار في أزمان مختلفة، وأصبح التلمود قرينًا للتوراة (١) .

واستمرت مصادر الفكر اليهودي بالتبلور بظهور عدد من المؤلفات، أهما ما كتبه الفيلسوف اللاهوتي اليهودي موسى بن ميمون في القرن الثامن الهجري، ثم اكتملت بما عرف بـ (بروتوكولات حكماء صهيون) (٢) الذي يعد النظام الأساسي المعاصر للعصبية اليهودية التاريخية، والتي أطلق عليها فيما بعد (الصهيونية) .

وما نريد أن نخلص إليه في هذه المقدمة هو أن اليهودية مرت بمخاضات متعددة في مسارها التاريخي، نتج عنها عدة أنواع من اليهودية هي:

أولًا: اليهودية السماوية: وهي دين بني إسرائيل، ولا سيما موسى عليه السلام، وكتابها هو التوراة الأصلية التي أوحى الله تعالى بها إلى موسى عليه السلام، وبعض أسفار الأنبياء الصحيحة وزبور داود عليه السلام، وأمثال سليمان عليه السلام، وغيرها من المدونات الأصلية، وهي ديانة يتعامل معها الإسلام كأية ديانة سماوية أخرى {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ} [الأنبياء: ٤٨] ، و {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [هود: ٩٦] {وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} [النساء: ١٦٣] ، {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: ١٣٦] . وهذه اليهودية اندثرت بمرور الزمن بسبب ما تعرضت له من تحريف شامل.


(١) قصة الحضارة: ٢ / ٣٧١؛ انظر أيضًا: موريس بوكاي؛ التوراة والإنجيل والقرآن والعلم.
(٢) للمزيد انظر: التلمود شريعة إسرائيل: الكنز المرصود في قواعد التلمود، ترجمة د. يوسف نصر الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>