تؤكد المصادر التاريخية أن فلسطين قد عرفت على غرار العديد من مناطق العالم عهودا كثيرة فكانت للفينيقيين دولة، وعرفت للعرب الكنعانيين دولة، كما عرفت حكم الفراعنة والبابليين والآشوريين والفرس والرومان، إلا أن ما ميز فلسطين عن باقي بلاد العالم أنها كانت مهد الديانات السماوية وموطن الرسل والأنبياء.
ويعتبر تاريخ بلاد الشام - ومنها فلسطين إلي حد ما - زبدة لتاريخ العالم، وأرضها ينبوع أحداثه، فمن مدوناته نتعرف إلى الحضارات الإنسانية المبكرة، وقد جعلت الطبيعة من بلاد الشام أو سورية، ومنها فلسطين، أرض لقاء لجميع الأمم، ولا غرابة إن كانت أرض المعترك للقوي المتحكمة بالعالم؛ فالبابليون، والحبشيون، والفراعنة والآشوريون والفرس، والإغريق، والرومان قد استولى كل منهم على بعض بلاد الشام أو كلها، حيث شهدت هذه البلاد الصراع بين كسرى وهرقل، والعرب والبيزنطيين، وبين العرب والتركمان، والتركمان والصليبيين، وكل واحد من هذه الصراعات عبارة عن حلقة من حلقات الصراع السرمدي بين الشرق والغرب.
ويثبت التاريخ لنا أن العنصر العربي ظل عبر مختلف الحقب في تاريخ فلسطين يمثل الغالبية العظمى، في حين أنه على امتداد التاريخ المعروف الذي يقترب من خمسين قرنا قبل الإسلام لم يعرف لليهود دولة قوية في فلسطين إلا في تلك الفترة التي بدأت بحكم داود عليه السلام، وضعفت بعد موت ابنه سليمان ١٠١٥ - ٩٥٠ ق. م، ولم تتعد سيطرتهم الحقيقية مدة أربعين سنة حسب كتب اليهود أنفسهم.
وفي القرن السابع الميلادي كانت فلسطين خاضعة لحكم الإمبراطورية البيزنطية، وبحكم موقعها وجوارها لمهد الإسلام كانت من البلاد الأولى التي تطلع المسلمون إليها في فتوحاتهم، إذ تؤكد كتب التاريخ الإسلامي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قد:" أعد قبل وفاته عليه الصلاة والسلام في عام ١١ هـ في ٦٣٢ م جيشا بقيادة أسامة بن زيد، وأمره أن تطأ خيوله تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين ".
وسار الخليفة (أبو بكر الصديق) على النهج الذي بدأه الرسول صلى الله عليه وسلم، فاختار (عمرو بن العاص) لقيادة الجيش الفاتح لفلسطين، وتحريرها من ربقة الروم، وتحقق ذلك بفضل الترحيب والتقبل، اللذين وجدهما الإسلام من قبل سكان فلسطين.