إن الحكومات الإسرائيلية منذ احتلال مدينة القدس تقوم باستعمال أساليب مختلفة لتدمير القدس وتغيير معالمه وتهويده. فعلاوة على ما قامت به من حرق وحفر تقوم أيضًا بعملية خنق المدينة. فالقدس التي تعتبر زهرة المدائن، والتي كان القادم من كل أنحاء فلسطين يراها عن بعد عندما تلمح عيناه قبة الصخرة المشرفة وبجوارها مئذنة الجامع الأقصى، لم تعد اليوم ترى من أي جهة بعد أن حولتها أسوار المستوطنات الإسرائيلية التي تعمد المخططون الإسرائيليون أن تتوالى حول المدينة القديمة كأطواق تحيطها وتخفيها. وقد صادروا ما حولها من أرض وما داخلها من بيوت وهدموها وطردوا سكانها العرب، وحرموا الباقين من ترميم ما تبقى من بيوت، بحيث انحشر العرب في رقعة صغيرة وبحيث لا يمكن لأي واحد منهم أن يصل بيته دون المرور من مستوطنة يهودية قامت بيوتها كالزنازين المشرفة على الأماكن القديمة والمقدسة، وملؤوها بألوف المستوطنين اليهود المتدينين المتعصبين. وما تبقى من شقق فارغة فيها حرموا العرب من سكناها أو تأجيرها بقرار من المحكمة العليا الإسرائيلية التي أصدرت حكمًا في أوائل السبعينات منعت من إسكان العرب حتى ولو بالإيجار باعتبار أن العربي يمثل مصلحة تخريبية ومعادية للمصلحة القومية اليهودية.