للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه هي ترجمة الإسلام العملية لميزان التفاضل، فليس هناك فضل لبعض الأفراد أو الجماعات أو الدول والشعوب على بعض الآخر في ميزان التقوى، وفي ترجمة مفاهيم الإسلام غير العمل الصالح التي تكسبه تلك النفس الفاضلة، وليس هناك نموذجًا يقتدى به في ميزان تفاضل التقوى وترجمة الإسلام الصحيحة غير النموذج الأوحد في عالم الكمالات الإنسانية وسمو معارج التقوى الإلهية محمد صلوات الله وسلامه عليه، الذي دخلت أعواد الحصير وتركت انطباعاتها الضاغطة في جسده، وكنوز الذهب والفضة يوزعها أكوامًا بين الناس ويحثيها حثى الحصاة بين يديه، ويصعد المنبر وراياته تملأ الأفق عزيزة ظافرة، فيقول: ((أيها الناس من كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت أخذت منه مالاً فهذا مالي فليأخذ منه)) . ويسأله عمه العباس أن يوليه عملاً من الأعمال التي كان يعين عليها بعض المسلمين فيصرفه برفق ويقول له: ((والله يا عم إنا لا نولي هذا الأمر أحدًا طلبه أو يحرص عليه)) ، ويضع لنفسه ولأهل بيته مبدأ من مبادئ التفضيل في الإسلام لا يحيدون عنه، هو أن يكونوا أول من يجوع إذا جاع الناس وآخر من يشبع إذا شبع الناس. ودانت الدنيا ووقف أكثر ملوك الأرض أمام رسالته واجفين، فما استطاعت ذرة من لهو أو كبر أن تمر بخاطره. وألقى كل أعداء رسالته السلاح ومدوا إليه أعناقهم ليحكم فيها بما يشاء ومعه عشرة آلاف سيف تتوهج بأيدي المسلمين يوم فتح مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>