للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنها لقوة هائلة تلك القوة التي يصل بها هؤلاء في سيطرتهم المطلقة على المال وعلى القروض التي يوزعونها بمحض مشيئتهم المطلقة، فكأنهم بذلك يوزعون الدم اللازم لحيوية الجهاز الاقتصادي بكل أوضاعه، فإذا شاءوا حرموه دم الحياة فلا يستطيع أن يتنفس، وإذا شاءوا قدروا مدى انسيابه في جسم هذا الجهاز التقدير الذي يتفق مع مصالحهم الذاتية.

وبالتالي فإن تجمع هذه الثروات المالية الهائلة في أيديهم يؤدي في الأخير إلى الاستيلاء على السلطة السياسية في النهاية، ويتحقق لهم ذلك على خطوات ثلاث متدرجة متساندة: الأولى: الكفاح في سبيل إحراز السيادة الاقتصادية، ثم الكفاح في جمع مقاليد السيادة السياسية في أيديهم، ومتى تحققت لهم بادروا إلى استغلال طاقاتها وسلطانها في تدعيم سيادتهم الاقتصادية، وفي النهاية ينقلون المعركة إلى المجال الدولي العالمي. وبالتالي فإن ولي الأمر الذي كان المفروض فيه أن يمثل مصالح المجتمع، وأن يحكم من مكانه الرفيع في نزاهة وحياد وعدل وإيثار لصالح المجتمع، قد سقط إلى درك الرقيق لهذه القوى الرأسمالية وأصبح أداة طيعة لتنفيذ أهوائها وشهواتها. وأن الواجب المقدس على المسلمين إعادة سلطان الدولة الذي انتزعته القوى المرابية والرأسمالية. وعندما يعود ولي الأمر إلى كامل اختصاصه الذي ناطه به الإسلام، عندئذ تتحول ثروة نقود الذهب الهائلة من مارد شرير إلى خادم طيب يبني المجتمع ويصون الحرمان ويسعد الإنسان، كما كان في عهد سلفنا الصالح وطليعة الإسلام الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>