وقبل الدخول في لب الموضوع. فإنه يجدر بنا – في هذا الموضوع الهام الذي يمثل جانبًا هامًا من الدراسات الفقهية العملية التي تعني بمعالجة أحكام الوقائع والنوازل والحوادث المستجدة في ضوء مقررات الفقه وقواعده، وما اشتملت عليه أصوله النظرية من السعة والمرونة والخصوبة – أن نتعرض بالإشارة إلى بعض أبعاد الموضوع المطروح للبحث والدراسة، وبالتالي بناء الحكم الشرعي عليه من قبل مجمعنا الموقر وسادته العلماء الأفاضل لربما تلك الأبعاد أو بعضها قد تخفى على البعض. والقاعدة المشهورة عند فقهائنا تقول: الحكم على الشيء فرع عن تصوره. وفي كثير من المسائل الفقهية أومن أحكام القضايا المستجدة يظهر الخلاف في استنباط الحكم الشرعي بين الفقهاء، ويكون مرجع خلافهم في الغالب إلى عدم الوضوح عند بعضهم، وليس إلى حقيقة الحكم الشرعي. ومن هنا كان التصور الصحيح والإلمام الشامل لكل جوانب القضية المطروحة هو الأصل في النظر الصحيح إلى النص الشرعي من الكتاب أو السنة وإلى علة الحكم التي تكون صريحة أو إيماء، وإلى النظر إلى مسالك العلة ومناط الحكم كما هو معروف لدى السادة العلماء في مظانه، ثم يأتي الحكم الشرعي بعد ذلك كفرع لذلك التصور.
١- أن أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملة في نظر الشريعة الإسلامية، وهو نص الموضوع المطروح للدراسة والبحث والإفتاء أمام مجمعنا الموقر، ليس هو غاية في ذاته؛ لأن النقود وتغير العملة ليست غاية في ذاتها بقدر ما هي أداة لتأدية وظائف معينة، وهذه الوظائف هي الأخرى تختلف من حيث المصدر وأولوية الهدف ونطاق التطبيق، فهناك الوظائف التقليدية ذات الطابع النقدي البحت والمرتبطة أصلاً بالنشاط التاريخي للنقود، وهناك الوظائف الأكثر عمومية والمرتبطة بالنشاط الاقتصادي وتطور الاقتصاد المعاصرة.