٢٠ - ومما يمتاز به الإعلان الإسلامي هو اعتباره المسألة الأخلاقية حقًّا إنسانيًّا مهمًّا، فقرر ذلك في المادة السابعة عشرة، وهذا ما تؤكده المادة الثالثة من الدستور وتجعله واجبًا على الدولة، وتذكر الأساس له.
ولا يوجد نص يقابله في الإعلان العالمي وإن كان قد ذكر في المادة التاسعة والعشرين أن رعاية المقتضيات الأخلاقية يمكن أن تشكل حدودًا لتمتع الفرد بالحريات، ولكن ملاحظة عبارة (في إطار مجتمع ديمقراطي) في ختام المادة تنبئنا أن المراد بالأخلاق هنا هو حريات الآخرين لا المعاني الأخلاقية الرفيعة، وعلى أي حال فهي لا تقرر - بلا ريب - حقًّا إنسانيًّا في الحصول على بيئة أخلاقية نظيفة تمكن الإنسان من بناء ذاته معنويًّا.
٢١ - من الأمور التي امتاز بها الإعلان الإسلامي أيضًا موضوع رفضه لإخضاع أي فرد للتجارب الطبية أو العلمية إلا بشرط الرضا وعدم الخطر، وهو أمر متضمن في الدستور.
٢٢ - كما رفضت المادة العشرون فكرة سن القوانين الاستثنائية التي تجيز تعرض الإنسان للتعذيب أو المعاملات المذلة والقاسية والمنافية للكرامة، أو تعريضه للتجارب وأمثال ذلك، وهو أمر رفضه الدستور أيضًا.
وهي فكرة جديرة بالاهتمام ولا تركيز عليها في الإعلان العالمي.
٢٣ - ربما ظن البعض أن الإعلان العالمي يمتاز بمنحه الحرية المطلقة للتعبير والبيان، إلا أننا نعتبر ذلك نقصًا، فإنه لا يمكن السماح ببيان يترك أثره الأخلاقي المخرب ويشوه الحقيقة ويهين مقدسات الآخرين، فالإهانة للمقدسات - بلا ريب - أشد كثيرًا من الإهانة للأشخاص. لذلك فإن تقييده في الإعلان الإسلامي بعبارة (بشكل لا يتعارض مع المبادئ الشرعية) هو الأقرب للروح الإنسانية، وهو ما صرحت به الفقرة (جـ) من المادة الثانية والعشرين. وقد أكدت المادتان (٢٣ و ٢٤) على هذه الحرية. إلا أن تخل بالمباني الإسلامية والحقوق العامة.
٢٤ - ومما امتاز به الإعلان الإسلامي - كذلك - مسألة منح الإنسان حق الدعوة إلى الخير والنهي عن المنكر، مما يؤكد المسؤولية الفردية تجاه ما يقع من مخالفات للبيئة الأخلاقية - من جهة - وتجاه كل ما يرتفع بالمستوى الإيجابي للمجتمع من جهة أخرى. وقد جاء الدستور أكثر وضوحًا وتفصيلًا في ذلك، كما ورد في المادة الثامنة.
وقد كنا (في مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية بالقاهرة) نحبذ - عند مناقشة هذه المادة والعبارة الإسلامية - ذكر عنصر الأمر بالمعروف، إلا أن البعض أصر على حذفها لأسباب لم نقف عليها في نهاية الأمر.