للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤ - في قبال المادة الحادية عشرة من الإعلان الإسلامي تطرح المادة الرابعة من الإعلان العالمي نفسها، إلا أن الفرق شاسع بينهما، فالمادة الإسلامية تعلن ولادة الإنسان بطبيعته حرًّا وتنفي عنه الاستعباد والذل والقهر والاستغلال، وتعتبر الحرية نابعة من عبوديته لله تعالى، فالعبودية لله تعالى لا تعني - كما يتصورها الجاهلون - تكريسًا للذات الإلهية، فهو الغني المطلق (جل وعلا) ، وإنما تعني التحرر من كل تعلق بسواه والعمل وفق هداه، لأنه سبيل الفلاح.

أما المادة العالمية فإنما ترفض الاستعباد ونظام الرق دونما بيان للأسس أو توضيح للعلاقة الإنسانية بالله تعالى.

١٥ - ومما يمتاز به الإعلان الإسلامي مسألة نفي الاستعمار بشتى أنواعه وتحريمه تحريما مؤكدا، ومنح الشعوب حق العمل للتحرير وتقرير المصير وإيجاب الدعم لها على كل الشعوب الأخرى، ثم التأكيد على الشخصية المستقلة لجميع الشعوب، ويؤكد الدستور على مسألة الدفاع عن المسلمين والمستضعفين في العالم.

في حين لا يذكر الإعلان العالمي هذا الموضوع، مما يكشف على الأقل نقطة ضعف كبيرة في أهداف واضعيه، بل ربما أراد أن يجذب بعض الشعوب لئلا تلجأ للثورة ضده كما يبدو من الفقرة الثالثة في مقدمته.

١٦ - ومما يمتاز به الإعلان الإسلامي أيضا أنه لم يذكر حق التجنس بجنسية، لأن هذا من الأمور الموضوعية التي مزقت حتى الأمة الواحدة وتحولت إلى عائق كبير في سبيل توحيدها، إلا أن الدستور - على ضوء ملاحظته للواقع القائم - يؤكد حق التجنس.

١٧ - ورغم أن الإعلانين آمنا بحقوق العمل، إلا أن الإعلان الإسلامي طلب من العامل بدوره أن يخلص ويتقن عمله، كما طلب من الدولة أن تتدخل بكل نزاهة لحل النزاع بين العامل ورب العمل وإقرار الحق دون تحيز.

١٨ - تؤكد المادة الرابعة عشرة في الإعلان الإسلامي على حق الكسب، ولكنها تقيده بالمشروع، مما يوحي بمفهوم الوصف بوجود أساليب مرفوضة، وذكرت منها: الاحتكار والغش والإضرار بالنفس أو بالغير، كما ركزت على منع الربا مؤكدًا، وقد أكد الدستور ذلك، أما الإعلان العالمي فلا نجده يتعرض لمثل هذه الأمور.

١٩ - تؤكد المادة الخامسة عشرة مشروعية السبيل لحصول الملكية، وتؤكد أيضًا على ألا تؤدي الملكية إلى إيجاد ضرر بالشخص نفسه أو بغيره، وإذا تمشينا مع اتساع مفهوم الضرر ليشمل الأضرار الاجتماعية المتنوعة أدركنا دقة التعبير الإسلامي ونفوره من استغلال الرأسمالية لهذا الحق في الإضرار بحق الشعوب الأخرى وضرب اقتصادها ونهب خيراتها، وتأتي تفصيلات أكثر في الدستور.

<<  <  ج: ص:  >  >>