للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ - حق الحياة:

وهو من أقدس الحقوق البشرية على الإطلاق، وأولاها بالإثبات والحماية، بدليل أن الشرائع السماوية أجمعت على إقرار هذا الحق الأصلي، واعتباره من أوكد الكليات الخمس الواجب حفظها ومراعاتها، والإسلام حرم تحريمًا مشددًّا قتل النفس البشرية بغير حق، وسد كل أبواب الذرائع المؤدية إلى إتلافها وإهلاكها، بإهمالها أو إيلامها أو تعذيبها أو تعريضها إلى الخطر بأي شكل من الأشكال. قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأنعام: ١٥١] ، وقال أيضًا: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: ٩٣] .

لقد كان من عادات العرب في الجاهلية الحمقاء، قتل الأبناء ووأد البنات خوف الفقر وخشية العار، ولم تكن للنفس البشرية عندهم وعند غيرهم من سائر الأمم والشعوب في تلك العهود المظلمة من الحرمة والقداسة ما هو كفيل بحمايتها وصيانتها، ولم تطمس آثار هذه العادات - الراجعة إلى أصول العقائد الوثنية (تقديم الأرواح البشرية قربانًا للآلهة المعبودة) التي وصفها القرآن بالسفه والجهل، بسبب الظلمة المطبقة على النفس، والغشاوة التي رانت على العقل، قال تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: ١٤]- حتى بزغت شمس الإسلام، لتمحو بنورها ظلام الجاهلية، وترسي مبادئ العدل والحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>