إن العناية التي يجب أن تصرف لها الدول والحكومات جهودها وإمكاناتها، لا بد لها من أن تتوجه فيما تتوجه، إلى الطفل باعتباره الأحوج إلى الرعاية، بحكم ضعف خلقته وعجزه عن القيام بنفسه دون الاستناد إلى غيره، وعلى وفق العناية به يتحدد مصير الشعوب قوة وضعفا، وترتسم ملامح إنسان الغد وتصاغ شخصيته المستقبلية. فالطفل كما يقال، هو نصف الحاضر وكل المستقبل.
إن استعمالات الطفل في غير ما هو مؤهل للقيام به - من أعمال بدنية شاقة، واستغلاله في غايات جنسية دنيئة، دنست فيه طهارته ودمرت براءته وقضت على مواهبه الفطرية الطبيعية، وحولته إلى كتلة سوداء من الغضب والتمرد، وجنحت به إلى ظلمات الانحراف العقلي والنفسي والشذوذ السلوكي، ونزلت به إلى دركات الانحطاط والتدني - نبهت المجتمع الإنساني إلى ضرورة تلافي هذا الوضع المزري البائس، وإيلاء الطفولة حقها في العناية والرعاية والأخذ بيدها منذ سن مبكرة، بما يطور مواهب الطفل وينمي عقله وجسده ويصون نفسه ويهيئه التهيئة اللازمة، ليكون عضوا منتجا فاعلا وعنصرا صالحا إيجابيا في أسرته ومجتمعه.