للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كانت العملة النقدية أو الورقية ليست غاية في ذاتها بقدر ما هي أداة لتأدية وظائف معينة للمجتمع البشري، فإن العدالة بالمقابل هي الغاية المنشودة لذاتها في الشريعة الإسلامية. وفي هذا المجال تعصر عقول المجتهدين من علماء الأمة الإسلامية، وينصب إنتاجها على بيان أحكام الشريعة الإسلامية من نصوصها الشرعية، أو من قواعد أصولها الاجتهادية. ومن المعلوم أن الشريعة الإسلامية قد كفلت في مصادرها العامة وقواعدها الكلية النصوص الصريحة على منع مجموعة من النشاطات الاقتصادية المعيقة في نظر الإسلام عن تحقيق العدل الاجتماعي للبشرية الذي ينشده الإسلام.

كما كفلت الشريعة الإسلامية حق مبدأ الإشراف العام الممثل بالدولة، الأمر بالصلاحيات العامة على كافة المجالات الاقتصادية ذات النشاط الاجتماعي العام. وبالتالي ضمنت حق تدخل الدولة؛ لحماية مصالح المجتمع العامة ورعايتها، وحراستها بالحد الشرعي من حريات المصالح الفردية، ومن حريات الأفراد فيما يمارسونه من أعمال تتنافى ومصالح الأفراد العامة في ذاتها وفي مجموعها. ومن هنا كان وضع هذا المبدأ العام في الشريعة الإسلامية ضروريًا لكي تضمن الشريعة الإسلامية ذاتها تحقيق مثلها العليا ومفاهيمها السامية في العدالة الاجتماعية على مر الزمن، وتعاقب الأجيال، ومستجدات التطور، انطلاقًا من مبدأ خلود الشريعة المشتملة في مضامينها على متطلبات العدالة الاجتماعية التي يدعو إليها الإسلام في مبادئه العامة وكلياته الشمولية ومنطلقاته الأصولية الكفيلة باستيعاب مضامين العدالة في كل زمان ومكان لكافة أبناء البشرية جمعاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>