هذا عنوان مركب من كلمتين تركيبًا إضافيًّا هما: حقوق وإنسان، وهذا العنوان وإن كان معروفًا ومتعارفًا عليه إلا أن ذلك لا يعفي من تعريفه، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
فما هي الحقوق؟ وما هو الإنسان؟
الحقوق: جمع حق، وهو لغة: الثابت الذي لا يقبل النفي، والوجود المطلق الذي لا يقبل الفناء، لهذا كان الحق من أسماء الباري جل وعلا:{وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ}[النور:٢٥] .
وهو سبحانه وتعالى يحق الحق:{لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ}[الأنفال: ٨] أي يجعله ظاهرًا، ويهدي إلى الحق:{يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ}[الأحقاف:٣٠] .
والحق هو أعلى قيمة في سلم القيم فبه قامت السماوات والأرض:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}[الحجر:٨٥] ، فبالحق ينتظم العدل والخير والجمال والشرف.
ويقول ابن عاشور رحمه الله تعالى في تعريف الحق – بتصرف -: والحق ماهيته هو ما يشتمل على نفع لجانب مختص به دون غيره أو هو أرجح له منه لغيره بسبب من أسباب التخصيص أو الترجيح، وقد يكون الحق معنى من المعاني متعلقا بذات مثل حق تربية الأب لابنه، وقد يكون ذاتا كما يقال: هذه الأرض حق لفلان.
والجانب الذي يملك الماهية دون غيره هو الذي يعلق اسمه بعد الحق باللام، فيقال: حق لفلان.