والمطالب بالحق يعدى إليه بعلى، واجتمعا في قوله تعالى:{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}[البقرة: ٢٤١] فهو للأول حق وعلى الثاني واجب، لأن الحق ما يجب للمرء على غيره، فهو حق من جهة المستحق، واجب من جهة المطلوب، فيكون الحق في مقابل الواجب فإذا كان المطلوب به شخصا يكون من باب فروض الأعيان، كحق الوالدين على أولادهم، وحق الدائن على المدين، وإذا لم يكن شخصا معينا احتمل أن يكون موجها إلى الكافة، وهذا ما يسمى بفرض الكفاية، وقد يتعين لأسباب معروفة في علم الأصول. (١)
أما الإنسان: فهو اسم جنس يطلق على الذكر والأنثى والواحد والجمع، مشتق من الأنس على الصحيح، ويجمع على أناس، يطلق على البشر الذين يرجعون إلى آدم وحواء، هذا ما تقول الرسالات السماوية من أقدمها إلى آخرها الرسالة الخاتمة لمحمد صلى الله عليه وسلم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً}[النساء:١] .
ويقول بعض الكتاب الوضعيين:
لقد اضطرب رجال القانون الوضعي في تعريف الحق، حيث إن كلمة الحق هي من الكلمات التي تدعى بكلمات التذكير (Des mots Devocation) وذلك على عكس ما يسمى بكلمات التحديد والتدقيق (des mots derecision) .
فأمثال كلمات التذكير عديدة منها مثلًا: الخطأ، الحقيقة، الصواب، العدل.. إلخ. وكلها لا تدل على شيء محدد ومعين، على خلاف كلمات التحديد وأمثالها: - البيع، التأمين، الهبة، وكلها تدل على وضع معين.
حيث تشير كلمة الحق في معناها العام إلى جملة من المعايير التي تهدف إلى تنظيم العلاقات بين البشر، وإلى تأمين المصالح الإنسانية.
وقد اختلف فقهاء القانون عندما حاولوا وضع تعريف شامل للحق، فقال بعضهم: إن الحق مصلحة مادية أو أدبية يحميها القانون، وعرفه بعضهم الآخر بأنه سلطة إرادية تثبت للشخص وتخوله أن يجري عملًا معينًا، وتعرض كل رأي لانتقادات جمة، مما يجعل بعضهم يؤكد أن تعريف الحق تعريفًا شاملًا ينطبق على مفاهيمه في كل زمان ومكان غير ممكن، وأنه للوصول إلى الصواب في ذلك لا بد من تتبع مفاهيمه في الأنظمة الحقوقية السائدة في المجتمع، ومن هنا يختلف تعريف الحقوق في الفقه الإنجليزي عنه في الفقه الفرنسي أو الفقه الإسلامي وغيره.