لقد رتبت عقوبة الجرائم ترتيبا دقيقا في مجموعات متميزة بحسب خطورة الجرم، وطبيعة العقوبة، وعلاقة العقوبة بالجهة المتضررة فردا أو مجتمعا.
فقسموها إلى ثلاثة أنواع:
١ – القصاص. ٢ – الحدود. ٣ - التعزيرات.
١ - القصاص: هو أن يفعل بالجاني مثل ما فعل بالمجني عليه، وغلب استعماله في قتل القاتل وجرح الجارح وقطع القاطع، ويكون عقوبة لكل جناية على بدن، أو نفس، أو عضو، فالقصاص حق من حقوق المجني عليه إن شاء عفا عنه أو استوفاه، وهذا ما سمي بالحق الشخصي، سوى ما يبقى فيه من حق السلطان في التعزير.
قال ابن القيم: لولا القصاص لفسد العالم، وأهلك الناس بعضهم بعضا، ابتداء واستيفاء، فكان القصاص دفعا لمفسدة الجرأة على الدماء بالجناية وبالاستيفاء.
٢ - الحد: كل عقوبة مقدرة وجبت حقا لله تعالى أو لآدمي لا يمكن التنازل عنه إلا في ظروف الضرورات وأزمنة الفتن، كما نص عليه القرطبي، والحدود ستة: الردة والزنا والسرقة وشرب المسكر والقذف والحرابة، والعقوبات في مجال الحدود أربعة أنواع: القتل والقطع والجلد والنفي.
٣ - التعزير: هو عقوبة غير مقدرة شرعًا، تجب حقًّا لله تعالى أو لآدمي في كل معصية ليس فيها حد ولا كفارة غالبًا.
وهو حق من حقوق ولي الأمر، فهو مفوض له في تقدير مقداره على رأي الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة والصحيح من مذهب أبي حنيفة، ويمكن أن يسقطه، فهو يدور على جلب المصالح ودرء المفاسد وجودا أو عدما وتشديدا وتخفيفا.
فالحقوق متمايزة تارة تكون من حق الله تعالى، وقد يسمى بحق السلطان، كما أطلق عليه ابن رشد الحفيد (١) لا يمكن عفوه إذا كان حدًّا، وتارة تكون حقًّا لآدمي يجوز عفوه، وتارة تكون مترددة بين الحقين، فيختلف فيها، وقد يرتكب الحقان في قضية واحدة ذات وجهين، كالمحارب يأخذ مال الغير، وتلك القسمة ثلاثية أخرى ناشئة عن تعيين جهة الحق.