للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادسًا - الإسلام وجريمة الانتحار:

حافظ الإسلام على الكليات الخمس، ومنها حفظ النفوس (١) ، واعتبر جريمة الاعتداء على النفس كجريمة الاعتداء على شخص آخر بالقتل (٢) ، فقد روى الإمام البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تحسى سمًّا فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا)) رواه الأربعة، فقد أفاد الحديث النبوي الشريف أن من ألقى بنفسه من شاهق أو أكل سمًّا أو قتل نفسه بسلاح أو غير ذلك فهذا مصيرها (٣) ، ويدخل النهي عن هذه الجرائم والإقدامات على قتل النفس في عموم قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء:٢٩] ، فالنهي عن قتل النفس يتناول قتل الإنسان نفسه وقد حملها عمرو بن العاص على ذلك، ولم ينكره رسول الله صلى الله عليه وسلم (٤) .

ومن هنا فإن كيان الإنسان المادي والمعنوي وشخصيته الإسلامية محل حماية، حيث تحميه الشريعة الإسلامية في حياته وبعد مماته، ومن حقه الترفق والتكريم في التعامل مع جثمانه، لأن الموت له حرمته، كما سيتم تفصيله لاحقًا.


(١) انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية، للعلامة سيدي محمد الطاهر بن عاشور، ص ٨، الشركة التونسية، سنة ١٩٧٨م.
(٢) انظر: حقوق الإنسان في الإسلام وأثرها في المجتمع، ص ٣٤.
(٣) انظر: السياسة الجنائية في الشريعة الإسلامية، أحمد فتحي بهنسي، ص ٢٦٩ - بيروت، دار الشروق، سنة ١٤٠٣هـ.
(٤) انظر: التسهيل لعلوم التنزيل: ١ / ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>