للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابعًا - الإسلام وحق الحرية:

تعتبر حرية الإنسان في النظام الإسلامي مقدسة ومحترمة ومصانة كحياته سواء بسواء، حيث دعا الإسلام إليها وقررها حقًّا ثابتًا للإنسان منذ ولادته، فرفع بذلك كرامته وأعلى قيمته (١) ، وهي الصفة الطبيعية الأولى التي يولد الإنسان بها تأكيدًا للحديث النبوي الشريف الذي رواه الشيخان: ((ما من مولود إلا يولد على الفطرة)) (٢) ، وهي مستصحبة ومستمرة وليس لأحد أن يعتدي عليها، ويجب توفير الضمانات الكافية لحماية حرية الأفراد، ولا يجوز تقيدها أو الحد منها إلا بسلطان الشريعة وبالإجراءات التي تقرها (٣) .

وإذا قارنا بين ما جاء في الإعلان العالمي ل حقوق الإنسان حول هذا الحق وبين ما جاء في القرآن الكريم، نجد أن نصف الإعلان العالمي ل حقوق الإنسان يشير إلى الحرية تحت رؤوس موضوعات جزئية، مثل حرية التنقل وحرية التعبير وحرية الفكر، وحرية العقيدة وما إليها، ولكن القرآن لم يشر إلى هذه الحريات فحسب وإنما شملها ضمن مسائل أخرى في إعلان شامل ومتكامل، وهو لم يبح لكائن من كان أن يستعبد شخصًا آخر بأي صورة بسبب العنصر أو اللون أو الحسب أو النسب، امتثالًا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: ١٣] .

فالميزة الوحيدة في الإسلام هي ميزة التقوى، وقد أرسى الإسلام دعائم الحرية الشخصية بأن كفل لكل إنسان رجلًا أو امرأة حرية التصرف في أموره الخاصة شخصية أو مالية، وأكد أن لكل إنسان إرادة وشخصية مستقلة، بحيث يكون له حرية التملك والبيع والشراء والهبة والوصية والزواج، فيتصرف جميع التصرفات التي تحقق مصلحته الشخصية ومصلحة المجتمع، والحرية الشخصية في الإسلام هي من أقدس الحقوق، وتشمل إلى ما سبق الحرية السياسية والحرية الفكرية والحرية المدنية وغيرها، وكلها كفلها الإسلام وخطا بها خطوات لا تزال تعجز الحضارة الحديثة عن اللحاق بها (٤) .


(١) انظر: الحريات العامة وحقوق الإنسان، محمد المجذوب، ص ١٥ - طرابلس، بيروت، سنة ١٩٨٦م.
(٢) رواه الشيخان.
(٣) انظر: الحرية في الإسلام، للعلامة سيدي محمد الخضر حسين، ص ٢٢.
(٤) انظر: الحريات العامة في الفكر والنظام السياسي في الإسلام، عبد الحكيم العيلي، ص ١٧٧؛ مشكلة الحرية في الإسلام، جميل ميمنة، ص ١٨ - ١٩، دار الكتاب اللبناني - بيروت، سنة ١٩٧٤م.

<<  <  ج: ص:  >  >>