للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- وبذلك نرى أن النظرة الكلية للإسلام بصدد الكون (١) تفرض على الإنسان العلم.. وتجعله حتماً موجبًا مثاباً عليه المرء، لأنه إذن مرتبط بحقيقة عليا وحكمة سماوية.

٥- هذا المفهوم الإسلامي للعلم اعتبره فريضة، وعده أساساً لكرامة الإنسان، وذلك أن القرآن الكريم رفع شأن العلم بقوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩] . وقوله أيضاً: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨] .

٦- وعلى أساس من هذه النظرية الكلية لله والكون والإنسان تكون الحقوق الثقافية؛ فالإسلام يوسع من آفاق العيش ويجعله متصلاً بحكمة علوية، ويجرده من المادية البحتة تنزيهاً للإنسان. ولذلك نجد رسولنا صلوات الله وسلامه عليه يقول: ((العالم والمتعلم شريكان في الخير)) وأنه لا خير في سائر الناس، أي لا خير فيمن عداهما.

٧- ولما كان العرب في معظمهم عند ظهور الإسلام أميين لا يقرؤون ولا يكتبون؛ بدأ الإسلام بمعالجة مشكلة الأمية وفرض العلم على كل مسلم ومسلمة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((طلب العلم فريضة على كل مسلم)) (٢) ، {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [يونس:١٠١] ، من أجل تفتح إنساني واع على الكون وحقائقه، والوجود وأبعاده.

٨- ولذلك لما وقع في أيدي المسلمين بعض الأسرى القرشيين الوثنيين إبان موقعة بدر، جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدية الكثير منهم تعليم الأميين من المسلمين. وجعل شرط إطلاق أحدهم من الأسر تعليم عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة، مع ملاحظة حاجة المسلمين للمال في هذا الوقت.


(١) خصائص التصور الإسلامي ومقوماته (فكرة الإسلام عن الله والإنسان والكون والحياة) ، سيد قطب، ١٣٨٧هـ - ١٩٦٧م.
(٢) الوارد في الحديث: "طلب العلم فريضة على كل مسلم "وقد أضيفت كلمة (مسلمة) في بعض المراجع عملاً بالمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>