للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الملاحظ أن هذه البنود تحوي (حقوقاً خاصة) ليست (فروضاً عامة) كما أن هذه الحقوق الخاصة معبر عنها بصيغة سلبية؛ كمثل قوله: (لا يجوز..) .

وبالتالي يحق لأي إنسان في ظل هذه المواثيق أن يتنازل عن حقه (الخاص) - لأنه خاص - وتنازله هذا لا يشكل جرماً، لأنه لا يمس إلا شخصه.

وفي هذا إضعاف لهذا الحق، الذي هو ضرورة حياتية مهمة.

وهذه النزعة الشخصية لا تلتفت إلى ما تتميز به علوم الحياة من شمول. وما يتميز به العلم - خصوصاً في الحاضر - من اجتماعية، كما أن هذه النظرة (الفردية) لا توصل العلم بمتعلقاته العلوية، وتجرده من حكمته، وتحرمه من امتداده التعبدي.

وهذا الامتداد الروحي بعد مهم في النزوع العلمي، إذ هو الكفيل بإنقاذه من أمراض (المجتمعات العلمية) كالأنانية والمادية والسيطرة، هذه العلل التي قد تحول العلم من أداة لخدمة الإنسان وعمارة الكون إلى وسيلة من وسائل الدمار، وسبباً لشقاء الإنسان وتعاسته وضياعه.

وقد رأينا الأمثلة على ذلك كثيرة عبر التاريخ، إذ شاهدنا كيف حول حاكم مستبد التكنولوجيا العسكرية التي كدسها في ترساناته إلى وسيلة إرهاب للآخرين، فجر الوبال على الآخرين وعلى العالم وعلى شعبه.

وهذا كان أثراً ومثالاً على النهوض العلمي المجرد من روحه الإلهية، والتي ينبغي أن تكون منطلقاً لكل تحديث وتقدم، ولكل تفكير في حقوق الإنسان، فما بالك بمن افتقد الاثنين: الحكمة السماوية، والحقوق الإنسانية:

{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (٤٢) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا} [الكهف:٤٢ - ٤٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>