للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢- أما فيما يتعلق بعدم مساواة المرأة الرجل في نصاب الشهادة عملاً بما جاء في القرآن الكريم: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة:٢٨٢] . فليس ذلك من موضوع حقوق الإنسان، وإنما هو من موضوع الأعباء التي يدعى لتحملها الإنسان ويتوجب عليها أداؤها، وعملاً بقوله تعالى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة:٢٨٣] .

وفي كل الأحوال فقد قبلت أحكام الإسلام شهادة المرأة في كل الأمور، والتي قد يعظم أحدها ويصبح ذا أثر كبير.

١٣- أما فيما يتعلق بعدم مساواة المرأة للرجل في الميراث فهو زعم يناقض المبدأ الأصلي في المساواة الثابت في القرآن فيما بين حقوق النساء والرجال؛ في مثل قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:٢٢٨] أي من الحقوق.

١٤- فالقول بعدم مساواة المرأة للرجل اعتماداً على ما جاء في القرآن الكريم من الجهر بأن للذكر مثل حظ الأنثيين فهذا ليس مطلقاً في كل الأحوال، وإنما يصح في بعض الحالات لأسباب تتعلق بالعدل بين الجنسين. وقد نص القرآن العزيز على:

أولاً - المساواة في الإرث بين الأم من ولدها المتوفي إذا كان للمتوفي فروع ذكور.

ثانياً - نص التشريع الإسلامي أيضاً على المساواة في الإرث بين الأخت والأخ لأم إذا لم يكن لأخيهما المتوفي أصل مذكر ولا فرع وارث.

ثالثاً - يعدل عن هذا المبدأ (المساواة في الإرث بين الجنسين) أحياناً، تحقيقاً للعدالة، وفي حالات نظمها الشرع وحددها كما يلي:

أ- في حال وجود أولاد للمتوفي، فتبرز قاعدة: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء:١١] . وتشبهها حالات مماثلة قعدها الفقهاء.

ب- في حالة الزوجين، فالزوج يرث عن زوجته ضعف ما ترثه هي منه (١) .

أما العلة في ذلك - والله أعلم - فهي مسؤولية الإنفاق عند الاقتضاء، وهذه المسؤولية غالباً تقع على عاتق الرجل ووفقاً للقاعدة الشرعية (الغنم بالغرم) ، وهذا ينطبق على كل حالات التمييز الاقتصادي الذي قد يلاحظ في حالتي الميراث السابقتين وأمثالها من حالات التعصيب.

ومن قبل ومن بعد أية تعليلات نورد قوله تعالى الحكيم العليم: {آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء:١١] .


(١) من كتاب (أحكام التركات والمواريث) ، للإمام محمد أبو زهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>