للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠- أما فيما يتعلق بحرمة تغيير الدين الإسلامي قيد يخالف المادة الثامنة عشرة من الإعلان العالمي لـ حقوق الإنسان، والتي أعطت لكل شخص الحق في تغيير دينه، فيقول: إن منطق الإسلام هنا أيضاً لا ينطلق من حيث إنه قيد للحرية بقدر ما هو رفع لمكيدة يهودية حدثت في صدر الإسلام حين أعلن جميع عرب المدينة إسلامهم واتحدت كلمتهم بعد خصومة مسلحة بينهم حاكها اليهود اللاجئون، ففكر اليهود عندئذ بخبث على أن يدخل بعضهم في الإسلام ثم يرتد عنه ليشكك العرب في دينهم ويضللهم في معتقدهم، فتولد عن ذلك الحكم في منع تغيير المسلم لدينه من العقوبة عليه، حتى لا يدخل أحد في الإسلام إلا بعد سبق بحث عقلي وعلمي ينتهي بالعقيدة الدائمة، وذلك ليقطع الطريق على المضللين وأمثالهم من الدخول في الإسلام تحت طائلة العقوبة، استئصالاً لعوامل الفساد في الأرض ممن دأبوا على الفساد في الأرض (١) .

١١- وفي سياق الحديث عن التطبيق المعاصر لـ حقوق الإنسان في الإسلام نسوق المملكة السعودية كمثال من أبرز أمثلة التطبيق الإسلامي الحديث، فنشير إلى ما يعتبره البعض انتهاكاً لحق الإنسان في التنقل فيما يعتبرونه تضييقاً على غير المسلمين في الحجاز، لأنهم يمنعون من دخول مدينة مكة، فنقول: إن المدينة ولأنها مقدسة قداسة خاصة عند المسلمين لما يؤدى فيها من شعائر وجبت المحافظة عليها نظراً لكثرة زوارها من جهة وحفاظاً عليها من جهة أخرى حتى لا تحدث مواجهات بين المسلمين ومن يعتبرونهم خارج ملة الإسلام، وذلك إنما كان حرصاً على راحة الناس وطمأنينتهم أثناء تأدية المناسك والزيارة.

ولذا يقول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨] (٢) .

كما أن الحرص على بعض الأماكن ورعايتها ورقابتها رقابة خاصة يجوز حدوثه في أماكن وأبنية أخرى دنيوية، كالبيت الأبيض والكرملين وقصور الرؤساء ومباني الوزارات والهيئات، فما بالك بأماكن وردت فيها أحاديث تدعو لصيانتها وألا يدخلنها كافر أبداً (٣) .


(١) السيرة النبوية، لأبي الحسن الندوي، ص ١٥٦.
(٢) والمقصود بنجاسة المشركين نجاسة اعتقادهم؛ كتاب الفقه الميسر، لمحمد عيسى عاشور، باب النجاسة.
(٣) كما أن هذه الأماكن خاصة بالتعبد وأداء الشعائر، فما حاجة غير المسلمين إليها؟

<<  <  ج: ص:  >  >>