للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا-عمارة الوقف: ينبغي استثمار غلة الوقف في عمارته أولًا ولو من غير شرط الواقف؛ لأن قصد الواقف صرف الغلة مؤبدًا ولا تبقى دائمة إلا بالعمارة، فيثبت شرط العمارة اقتضاء وضرورة، فلو كان في الوقف شجر مثلا يخاف هلاكه كان له أن يشتري من غلته فسيلا فيغرزه؛ لأن الشجر يفسد على امتداد الزمان، وكذا إذا كانت الأرض سبخة لا ينبت فيها شيء كان له أن يصلحها.

ويدخل في ذلك دفع المرصد (١) الذي قام على الدار فإنه مقدم على الدفع للمستحقين، فإن المرصد دين على الوقف لضرورة تعميره، فإذا وجد في الوقف مال ولو في كل سنة شيء حتى تتخلص رقبة الوقف ويصير يؤجر بأجرة مثله لزم الناظر ذلك.

إلا أن عمارة الوقف زيادة على ما في زمن الواقف لا تجوز بلا رضى المستحقين.

وإذا كان الوقف على معين فعمارته في ماله بقدر ما يبقى الموقوف على الصفة التي وقفه.

ولو شرط الواقف تقديم العمارة ثم الفاضل للفقراء أو المستحقين لزم الناظر إمساك قدر العمارة كل سنة بحسب ما يغلب على ظنه الحاجة إليه وإن لم يحتجه الآن، ويصرف الزائد على ما شرط الواقف، لجواز أن يحدث حدث ولا غلة للأرض حينئذ (٢) .


(١) المرصد: دين يثبت على الوقف لمستأجر عقار مقابل ما ينفقه بإذن المتولي عند عدم وجود غلة في الوقف، ثم يؤجر منه بأجرة مخفضة مقابل الدين. انظر: المدخل إلى نظرية الالتزام العامة، مصطفى الزرقاء، ط ١ سنة ١٩٤٦ م، ص ٤٢- ٤٣
(٢) حاشية ابن عابدين: ٣/ ٣٧٦-٣٧٧، ٣٩٧؛ فتح القدير: ٥/ ٥٣- ٥٤

<<  <  ج: ص:  >  >>