للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والملاحظ أن كثيرا من الفقهاء القائلين بصحة وقف النقود جعلوا وقفها فرع إجارتها للوزن أو للزينة، والصحيح أن وقف النقود يرتكز إلى الإفادة من قوتها التبادلية وقيمتها الشرائية؛ لأن إجازتها بقصد التحلي ليظهر غنى المستأجر ومنزلته لم تجرِ به عادة، وهو أقرب إلى السفه والعبث، وإجارتها للوزن كذلك لم تعد واردة اليوم لحلول النقد الورقي محل الذهب الذي كان يوزن، وهذا النقد ليس له قيمة ذاتية داخلية، بل أضحى مجرد رموز نقدية تتوقف قيمته على عوامل متعددة (١)

وقد يستشكل بعضهم وقف النقود من قبل أن لا سبيل للانتفاع بها إلا باستهلاكها، ومن شرط وقف المنقول إمكان الإفادة منه مع بقاء أصله.

ويجاب عن ذلك أن الإفادة من النقود لا تكون باستهلاكها حقيقة كما تستهلك السلع الأخرى، وإنما باستعمال قوتها التبادلية وتقويمها المالي للسلع والخدمات، وهي في حد ذاتها لا منفعة فيها ولا تشبع حاجة من أكل أو شرب أو لباس أو غير ذلك.

وقصارى القول: أنه يجوز وقف النقود للقرض أو لـ لاستثمار وتوزيع العائد، وفي ذلك إشاعة للوقف وتشجيع عليه وتعديد لمصادره وقنواته، وتمش مع روح العصر ومرونة الفقه وتحقيق الصالح العام (٢) .


(١) انظر: مصرف التنمية الإسلامي، رفيق المصري، مؤسسة الرسالة، ص ١٧٦- ١٧٧
(٢) انظر: بحث (وقف النقود في الفقه الإسلامي) للدكتور محمود أبو ليل، المنشور بمجلة الشريعة والقانون، عدد (١٢) سنة ١٩٩٩ م، ص ٣٣ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>