للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

***

الفصل الثالث

طرق استثمار العقارات الوقفية

من أهم طرق استثمار العقارات الوقفية ما يلي:

أولا - الاستثمار الزراعي:

الاستثمارالزراعي من أفضل أنواع الاستثمار وأكثرها بركة وأطيبها غلة وأنفعها للمجتمع، لما يترتب عليه من عمارة الأرض واستغلال خيراتها، وتأمين الغذاء للطير والحيوان والإنسان، والمحافظة على التربة من عوامل الانجراف، وتنقية الهواء وتجميل الحياة.

ويمكن لإدارة الأوقاف استغلال الأرض في الزراعة مباشرة إذا كانت وقفا خيريا مطلقا.

كما يمكن استغلالها عن طريق المساقاة (١) إن كانت ذات شجر، وعن طريق المزارعة إن كانت أرضا زراعية خالية من الشجر.

أما المساقاة فهي جائزة عند العلماء ولا إشكال فيها.

وأما المزارعة فضربان:

ضرب أجمع الفقهاء على فساده: وهو أن تكون حصة كل واحد من العامل المزارع ورب الأرض من زرع الأرض مفردة عن حصة صاحبه.

وضرب مختلف فيه: وهو أن يزارع رب الأرض العامل على أرضه ليكون العمل على الأجير، والأرض لربها، والبذر بينهما أو من أحدهما بحسب شرطهما، على أن ما أخرج الله تعالى من زرع كان بينهما على سهم معلوم من نصف أو ثلث أو ربع، فهذا النوع من المزارعة اختلف الفقهاء فيها على ثلاثة أقوال:

أحدها: وهو مذهب الجمهور: أنها باطلة، سواء شرط البذر على الزارع أم على رب الأرض، استدلالا بقول جابر رضي الله عنه: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة)) (٢) المذهب الثاني: أنها جائزة، سواء شرط البذر على الزارع أم على رب الأرض، وهو مذهب الصاحبين من الحنفية، ودليل ذلك ما جاء عن ابن عمر: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج من ثمر وزرع)) (٣) .

ومن المعقول أن المعاملة على الأصول ببعض نمائها يجوز؛ كـ المساقاة على النخل، والمضاربة بالمال، وكذلك المخابرة على الأرض.

المذهب الثالث: إن شرط البذر على صاحب الأرض لم يجز، وإن شرطه على الزارع جاز، وهو مذهب أحمد (٤)

والصحيح هو المذهب الثاني القائل بالجواز، وما ورد من نهي فمحمول على الضرب الأول من المزارعة القائم على تخصيص غلة جزء معين من الأرض لكل منهما، لما فيه من معنى المقامرة.


(١) المساقاة: هي أن يعامل إنسانا على شجر ليتعهده بالسقي والتربية على أن ما رزقه الله من الثمرة يكون بينهما
(٢) أخرجه البخاري في الشرب والمساقاة؛ ومسلم في البيوع
(٣) أخرجه البخاري في الإجارة والحرث والمزارعة والشركة والمغازي؛ ومسلم في المساقاة
(٤) انظر: الحاوي الكبير للماوردي: ٩/ ٢٨٦ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>