للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا- الإجارة:

استغلال العقارات الوقفية بالإجارة من أيسر طرق الاستثمار وأكثرها أمانا وأقلها مخاطرة وأوسعها انتشارا؛ وأكثرها ملاءمة لطبيعة الوقف العقاري وما يتصل به من منقولات، والوقف عبارة عن (تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة) (١) ، والعقد الذي يرد على المنفعة هو الإجارة، لأنها عقد يفيد (تمليك المنافع بعوض) (٢) .

وإجارة المباني مشروعة بلا خلاف بين العلماء، وأما إجارة الأرضين ففيها ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها باطلة لا تجوز بحال، وإليه ذهب الحسن البصري وطاوس.

والقول الثاني: أن إجارتها جائزة بالذهب والفضة ولا تجوز بالبر والشعير ولا بما ينبت من الأرض، وهو مذهب مالك.

والقول الثالث: تجوز إجارتها بكل معلوم من ذهب أو ورق أو عرض أو بما ينبت من الأرض من بر أو شعير أو غيره، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وغيرهما (٣) .

وهو الراجح لما جاء عن حنظلة بن قيس الأنصاري قال: سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق، فقال: ((لا بأس بها، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد وسول الله صلى الله عليه وسلم بما على الماذيانات وإقبال الجداول وأشياء من الزرع، فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، ولم يكن للناس كراء إلا هذا، فلذلك زجر عنه، فأما شيء مضمون معلوم فلا باس به)) (٤) .

ونظرا لأهمية الاستثمارالإيجاري نذكر بعض التفصيلات المتعلقة به:


(١) الشرح الكبير لابن قدامة، مطبوع على هامش المغني: ٦/ ١٨٥- دار الكتاب العربي.
(٢) حاشية الجمل على شرح المنهج: ٣/ ٥٣١؛ حاشية ابن عابدين: ٦/ ٤ ط ٢، سنة ١٣٨٦ هـ/،١٩٩٦م.
(٣) انظر: الحاوي الكبير للماوردي: ٩/ ٢٩١.
(٤) أخرجه مسلم في البيوع؛ وأحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>