أولاً: الموضوع فيه حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وإجماع لم يرد ما يخالفه من الصحابة أو التابعين أو الأئمة المجتهدين، والاجتهاد يجب أن يكون في ضوء النص والإجماع.
ثانيًا: العقود المشروعة لا تشتمل على جهالة تفضي إلى الخلاف والنزاع. ورد النقود الورقية بقيمتها تجعل المقرض لا يدري ماذا سيأخذ، والمقترض بماذا سيطالب؟ ولا يدري الاثنان المقياس الذي يلجئان إليه عند الخلاف في القول بالزيادة أو النقصان أو الثبات، وتحديد مقدار الزيادة أو النقصان.
ولهذا وجدنا القوانين الوضعية، مع سوئها وإباحتها الربا المحرم، تنص على أن القرض يرد بمثله عددًا دون نظر إلى القيمة.
ثالثًا: ما استقر في الفقه الإسلامي من رد القرض بمثله لا بقيمته، وهو ما تسير عليه القوانين الوضعية في البلاد الإسلامية وغيرها من بلدان العالم، هو أيضًا ما أخذت به القوانين الدولية، فالقروض الدولية ترد بمثلها عددًا.
فكيف نطالب دولنا الإسلامية بترك هذه القوانين التي تتفق ولا تتعارض مع الفقه الإسلامي؟
رابعًا: الذين دعوا إلى رد القرض بقيمته نظروا إلى الانخفاض فقط، ولو أخذ بالقيمة لوجب النظر إلى الزيادة والنقصان معًا.
وعلى سبيل المثال:
إذا اقترض أحد من أخيه في الدول النفطية التي تعد نقودها أساسًا ثمنًا للنفط، ثم انخفض النفط إلى الربع، فما حق المقرض؟ أهو الربع فقط؟
فإذا اقرضه أربعة آلاف، وهي ثمن قدر معين من النفط، فبعد الانخفاض يكون ثمن هذا ألفا فقط، فهل من حق المقترض أن يقول للمقرض: ليس لك عندي إلا ألف، أو مقدار كذا من النفط قيمة الألف بسعر اليوم، وقيمة أربعة الآلاف وقت الإقراض؟
وإذا تركنا النفط وجئنا لغيره.
مثلاً كيس الذرة وصل إلى مائتي جنيه، ثم انخفض إلى خمسة وعشرين، فإذا اقترض مائتين ليشتري كيس الذرة، فهل بعد الانخفاض يرد كيس ذرة أو خمسة وعشرين جنيها فقط؟