أما في حالة عدم الانتفاع بالوقف مع بقاء عينه، فإن الأمر يدور بين ثلاثة أمور:
أحدها: تعطيله حتى يتلف بنفسه، وهذا تضييع مناف لحق الله وحق الواقف وحق الموقوف عليهم.
ثانيها: يباع ويستفيد منه البطن الموجود فقط بتقسيم الثمن عليهم.
وثالثها: يباع ويبدل بما يبقى وينتفع به الموجود والذي سيوجد فيما بعد.
والأمر الثاني والثالث: متفقان على جواز البيع، ولكن الثالث هو الأوجه، لأن الوقف مؤبد أو مشترك بين الموجود والذي سيوجد فيما بعد حسب وقفية الواقف، فلا بد أن يكون بدله أيضا كذلك لأنه هو الموافق لقصد الواقف وإنشائه، فيكون متبعا، وهو المتعين.
وعلى هذا يشترك الموقوف عليهم (من وجد ومن سيوجد) في الثمن وهو مقتضى المعاوضة الحقيقية، إذ لا يعقل اختصاص العوض بمن لم يختص بالمعوض، فيكون حكم الثمن هو حكم الوقف في كونه ملكا للجميع وينتفع به الكل على الترتيب، فإن كان الثمن مما يمكن أن يبقى وينتفع منه الموجودون على نحو المبدل، وكانت مصلحة الكل (الموجود والذي سيوجد) في إبقائه أُبْقِيَ، وإلا أبدل مكانه ما هو أصلح لهم، كأن يباع بشيء أصلح لهم.