للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا الفهم وعدم الاعتناء بالقول القائل بوجوب صرف المنفعة على الموجودين وعدم لحاظ حق الباقين، يتم الحفاظ على أكبر سبب لإهمال الوقف سواء كان ذريا أو مؤبدا.

كما يمكن تنوير الواقفين إلى هذا المشكلة وجعلهم يشترطون في الوقف أن تكون المنفعة للموقوف عليهم بعد إخراج مؤونة إصلاح الوقف وصيانته، للخروج عن مخالفة من قال بأن النماء يصرف على الموجودين إن لم يوافقوا على إصلاح الوقف في صورة عدم الاشتراط، فإنهم لا يقولون بذلك في صورة الاشتراط من الواقف.

وقف النقود لـ لإقراض أو المضاربة:

قال بعض الفقهاء بعدم صحة وقف الأموال النقدية كالدراهم والدنانير وغيرها، وذلك لعدم نفع لها إلا بالتصرف فيها وهو مناف للوقف المقتضي بقاء الأصل.

وهناك من قال بصحة وقف الأموال (كالدراهم والدنانير) حيث يفرض لها نفع مع بقائها كالتزيين بها ودفع الذل ونحوها، فيتناولها حينئذ إطلاق أدلة الوقف فينتفع بها بواسطة إعارتها مع بقاء عينها.

ولا تنافي بين هذين القولين، لأن القول الأول افترض أن نفعها يكون بالتصرف بها وهو مناف لبقائها، بينما افترض القول الثاني وجود نفع لها من دون أن يتصرف فيها، هو لا ينافي البقاء للعين.

هذا ولكن البحث المطروح هو شيء آخر غير ما تقدم؛ وهو جواز وقف الأموال لأجل القرض أو المضاربة، فتكون المالية هي الموقوفة مع تبدل تجسيدها من عين إلى عين أخرى، فهل يجوز مثل هذا الوقف، مع أن فتاوى الفقهاء صرحت بأن الوقف إنما يصح في الأعيان المملوكة التي ينتفع بها مع بقاء عينها؟

وبعبارة أخرى: إن مشكلة حرمة تبديل العين الموقوفة تجعلنا نفكر في بديل لوقف العين بحيث يمكننا أن نوقف المالية، ونجعل المتولي على وقف المالية قادرا على التبديل والبيع بما يراه صالحا في أي وقت أراد، وهذا ما يجعل الوقف مواكبا للمناشط العصرية التي تقوم بها السوق المالية، فيدخل المال الموقوف في المعاملات حسب ما يراه المتولي، أو يستفيد من مالية المال الموقوف المحتاجون لقضاء حاجاتهم من المال بشرط إرجاعها لتقرض ثانية.

وهذا الأمر جيد إن قام عليه دليل يصحح هذا الوقف، فهل من دليل على ذلك؟

<<  <  ج: ص:  >  >>