للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: قد يقال: إننا نتمسك بإطلاق روايات الصدقة الجارية (١) الواردة في روايات صحيحة متعددة، بمعنى أن الجريان ليس مصداقه الوحيد هو انحباس العين وتوقيفها عن البيع (حيث كان هو المصداق الرائج في زمن صدور النص) ، بل هناك مصداق آخر للصدقة الجارية وهو مالية الشيء التي يمكن تجسيدها ضمن أعيان مختلفة متعاقبة، وحينئذ يكون قوام الجريان بالتحبيس، ولكن المحبوس قد يكون عينا وقد يكون مالية.

وهذا البيان لوقف المالية لا يعارضه ما ورد من تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة (الثمرة) ، حيث إن وقف المالية أيضا تحبيس لها، وقرضها أو المضاربة بها مع كون النفع للمحتاجين هو نوع تسبيل للمنفعة التي ترجى من المالية.

٢ - أن صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (٢) صرحت بجواز شرط الواقف حق البيع والتبديل للموقوف عليه، وحينئذ يرجع واقع هذا الشرط إلى التصدق بالمالية القابلة للتجسيد في الأعيان المختلفة.

ويرد على الدليل الأول: أننا نحتمل أن الصدقة الجارية الواردة في الروايات منحصر مصداقها في مرتكز المتشرعة في الوقف الذي لا يباع ولا يوهب ولا يبدل، وهذا الارتكاز يكون صالحا للقرينة الموجبة لانصراف إطلاق عنوان الصدقة الجارية إلى وقف العين.

ويرد على الدليل الثاني: إن في الصحيحة جواز بيع الوقف لوفاء الدين، وجواز بيع الوقف وتقسيم الثمن على آل بني المطلب وآل أبي طالب والهاشميين، وهذا معناه إبطال الوقف لا أن الوقف يكون للمالية التي تبقى ثابتة ويكون النفع منها بالقرض والمضاربة، فهي أجنبية عن محل كلامنا.


(١) وسائل الشيعة: ج ١٣؛ باب (١) من أبواب الوقف والصدقات، ح ١، ٢، ٣، ٤، ٥، ١٠
(٢) وسائل الشيعة: ج ١٣؛ باب (١٠) من الوقف، ح٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>