للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الأدلة المعتبرة على ذلك أن وجوب الزكاة في الأموال يدفع أصحابها إلى التجارة، لأنهم إن لم يتاجروا فيها تأكلها الصدقة والنفقة، وهذا ما يؤيده الفكر الاقتصادي الحديث حيث يفرض أنواعاً من الضرائب لدفع أصحاب الأموال إلى عدم اكتنازها، بل قد وردت أحاديث تصل بمجموعها إلى درجة الصحيح أو الحسن الذي ينهض به حجة على وجوب التجارة في أموال الصغار (اليتامى وغيرهم) والمحجور عليهم (السفهاء والمجانين وناقصي الأهلية) ، فقد روى الشافعي بإسناده عن يوسف بن ماهك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ابتغوا في مال اليتيم - أو في أموال اليتامى - لا تذهبها - لا تستهلكها – الصدقة)) ، وقد قال البيهقي والنووي: "إسناده صحيح، ولكنه مرسل معضد بعموم النصوص الأخرى، وبما صح عن الصحابة من إيجاب الزكاة في مال اليتيم" (١) .

قال البيهقي: "وهذا - أي حديث ابن ماهك، مرسل إلا أن الشافعي - رحمه الله - أكده بالاستبدال بالخبر الأول - وهو عموم الحديث الصحيح في إيجاب الزكاة مطلقاً - وبما روى عن الصحابة في ذلك " (٢) . وقال النووي: ورواه البيهقي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - موقوفاً عليه بلفظ: ((وابتغوا في أموال اليتامى لا تأكلها الصدقة)) وقال: إسناده صحيح، ورواه أيضاً علي بن مطرف (٣) .

وروى الطبراني في الأوسط عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة)) ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد نقلاً عن شيخه الحافظ العراقي: "إن إسناده صحيح" (٤) .


(١) السنن الكبرى للبيهقي، ط الهند: ٤ / ١٠٧؛ والمجموع للنووي، ط شركة كبار العلماء: ٥/٣٢٩.
(٢) السنن الكبرى: ٤ / ١٠٧، حيث ذكر عدداً من الأحاديث والآثار في هذا المعنى.
(٣) المجموع للنووي: ٥/ ٣٢٩؛ والسنن الكبرى: ٤ / ١٠٧.
(٤) مجمع الزوائد: ٣ / ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>