للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الشيخ القرضاوي: "إن الأحاديث والآثار قد نبهت الأوصياء على وجوب تثمير أموال اليتامى حتى لا تلتهمها الزكاة.. "فواجب على القائمين بأمر اليتامى أن ينموا أموالهم، كما يجب عليهم أن يخرجوا الزكاة عنها، نعم إن في هذين الحديثين (أي حديث عمرو بن شعيب المرفوع وحديث يوسف بن ماهك) ضعفاً من جهة السند أو الاتصال، ولكن يقويهما عدة أمور، وذكر منها: (أنه يوافق منهج الإسلام العام في اقتصاده القائم على إيجاب التثمير وتحريم الكنز) (١) .

وكذلك يدل على تثمير الأموال قوله تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر:٧] ، حيث إن الأموال لا تتداول إلا عن طريق توزيع الصدقات، والاستثمار الذي يؤدي إلى أن يستفيد منها الجميع من العمال والصناع والتجار ونحوهم، وكذلك قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:٦٠] ، ومن القوة بلا شك قوة المال بل هي مقدمة في معظم الآيات على النفس، فإذا كانت قوة البدن والسلاح مطلوبة فإن قوة المال أشد طلباً ووجوباً.

ثم إن من مقاصد هذه الشريعة الحفاظ على الأموال، وذلك لا يتحقق إلا عن طريق استثمارها وتنميتها، كما أن من مقاصدها تعمير الكون على ضوء منهج الله تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود:٦١] ، فقال المفسرون: "معناه: أمركم بعمارة ما تحتاجون إليه فيها من بناء مساكن وغرس أشجار" (٢) ، وكذلك من مقاصدها الاستخلاف الذي يقتضي القيام بشؤون الأرض وتدبيرها والإفادة منها وتعميرها، وكل ذلك لا يتحقق على وجهها الأكمل إلا عن طريق الاستثمار.

* * *


(١) فقه الزكاة، للدكتور يوسف القرضاوي، ط وهبة، القاهرة: ١ / ١٠٧.
(٢) تفسير الماوردي المسمى: النكت والعيون، ط أوقاف الكويت: ٢ / ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>