٣- من عوامل إضفاء أهمية متزايدة للوقف النقدي في عالمنا المعاصر:
بداية يجدر التنبيه إلى أن دعوتنا للاهتمام الكبير بالوقف النقدي، لما نتوخاه فيه من مقومات وإمكانات، لا تعني بأي حال التهوين والتقليل من شأن الوقف العيني، كمن ذهب إلى أنه لا يخدم عملية التنمية الاقتصادية القائمة الآن (١) . والصحيح أن الوقف الشرعي بمختلف أنواعه يخدم عملية التنمية، غاية الأمر أن طبيعة هذه الخدمة ونوعيتها ومقدارها تختلف من وقف لوقف، طبقاً للظروف والملابسات المحيطة بكل حالة، وكل ما نهدف إليه في هذه الفقرة هو التنويه بهذا النوع (المنسي) من الوقف والالتفات الجاد إليه، لا على أنه بديل للوقف العيني وإنما على أنه معضد، بل مشارك رئيس له، لاسيما وأنه يتسم بهذه السمات:
١- أنه متاح للناس بدرجة أكبر من غيره، فجماهير الناس تمتلك ثروات أو دخولاً نقدية بغض النظر عن قلتها وكثرتها، بينما الكثير منهم لا يمتلك أراضي أو عقارات.
٢- أنه أكثر قابلية من غيره لقيام الوقف المشترك أو الوقف الجماعي، وهو اليوم أكثر ملاءمة من الوقف الفردي، كما أنه أكثر أهمية منه لعظم ما يوفره من موارد وأموال وقفية تمكن من إقامة المشروعات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة.
٣- أن إمكاناته من حيث تنوع وتعدد طرق وأساليب ومجالات استثماره وتزايد عائده متسعة.
٤- أن أغراضه ومجالاته متنوعة ومتعددة لا يحد منها شيء، ولا تقف دونها عقبات.
٥- أنه أكثر تمشيًّا وملاءمة مع ما يشيع اليوم في عالم التمويل من مبدأ (ديمقراطية التمويل) .
٦- أن تأثيره التنموي قد يكون أقوى من غيره من حيث إسهاماته في الأنشطة الإنتاجية المختلفة في مرحلة استثماره، حيث من المتاح أمامه أنه يدخل ممولاً ومستثمراً في كل تلك الأنشطة.
هذه بعض الاعتبارات التي تجعل للاهتمام بالوقف النقدي وجاهته وأهميته.
(١) محمد بوجلال، نحو صياغة مؤسسية للدور التنموي للوقف، الوقف النامي، مجلة دراسات اقتصادية إسلامية، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، جدة، المجلد الخامس، العدد الأول، رجب ١٤١٨ هـ.