للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الخصاف في كتابه (أحكام الأوقاف) : أن أول صدقة كانت في الإسلام وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن مخيريق اليهودي كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد، فأوصى إن قتل أن حوائطه السبعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتل، فقبضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصدق بها، فكانت أول صدقة في الإسلام.

ومن الاستدلال بالإجماع ما ذكره الشيخ عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله في حاشيته على الروض المربع (١) قال: "والأصل في مشروعية الوقف السنة والإجماع في الجملة". وذكر حديث ابن عمر، فقال: "وقال جابر: لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا وقف. ولا نزاع في وقف الأرض، وقال القرطبي: لا خلاف بين الأئمة في تحبيس القناطر والمساجد، واختلفوا في غير ذلك " اهـ.

وقال الموصلي الحنفي: "وأجمع الأمة على جواز أصل الوقف، لما روي أنه عليه الصلاة والسلام تصدق بسبع حوائط في المدينة، وكذلك الصحابة وقفوا" (٢) .

وقد وقف مجموعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر، وعمر وعثمان، وعلي، والزبير بن العوام، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وعائشة، وأم سلمة، وصفية، وأم حبيبة زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسماء بنت أبي بكر، وسعد بن أبي وقاص، وخالد بن الوليد، وجابر بن عبد الله، وسعد بن عبادة، وعقبة بن عامر، وعبد الله بن الزبير، وأبو أروى الدوسي، وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (٣) .

ومما تقدم يظهر لنا أن الوقف مما ازداد به المسلمون تميزاً، وأنه مظهر من مظاهر المواساة، والشعور بالأخوة الإسلامية، والنصح للنفس المطمئنة بصلة عملها بعد الموت بالصدقة الجارية.

فالوقف تمويل لمجموعة من المرافق العامة والخاصة للمسلمين، وأنه صدقة جارية يبقى أصله، وتوزع غلته تحقيقاً لمعنى الوقف في الإسلام: تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة.

* * *


(١) الروض المربع: ٥ / ٥٣٠.
(٢) الاختيار لتعليل المختار: ٣ / ٤٠ - ٤١.
(٣) انظر: أحكام الوقف على الذرية، للدكتور محمد عبد الرحيم الخالد: ١ / ٧٨ - ٨٧، وما نقله عن الخصاف من كتابه: أحكام الوقف.

<<  <  ج: ص:  >  >>