للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الكمال بن الهمام: والحاصل أن الاستبدال، إما عن شرط الاستبدال، أو لا عن شرطه، فإن كان لخروج الوقف عن انتفاع الموقوف عليهم به فينفي أن لا يختلف فيه، وإن كان لا لذلك، بل اتفق أنه أمكن أن يؤخذ بثمن الوقف ما هو خير منه - مع كونه منتفعا به - فينفي ألا يجوز.

وجه ذلك: أولا: لأن الواجب إبقاء الوقف على ما كان عليه دون زيادة أخرى.

ثانيا: ولأنه لا موجب لتجويزه الاستبدال، لأن الموجب في الأول: شرط، وفي الثاني: الضرورة، ولا ضرورة في هذا إذ لا تجب الزيادة في الوقف بل تبقيته كما كان ... (١) .

مخالفة اشتراط الواقف عدم الاستبدال: للحنفية في هذه المسألة رأيان: (٢)

الأول ما قاله هلال الرأي: قلت: أرأيت لو قال: صدقة موقوفة لله تعالى أبدا، ولم يشترط أن يبيعها، أله أن يبيعها ويستبدل بها ما هو خير منها؟

قال: لا يكون له ذلك، إلا أن يكون شرط الواقف البيع، وإلا فليس له أن يبيع.

قلت: ولم يجوز له ذلك وهو خير للوقف؟

قال: "لأن الوقف لا يطلب به التجارة ولا تطلب به الأرباح، وإنما سميت وقفا لأنها لا تباع ... "

إلى أن قال: "لو جاز للقيم ببيع الوقف بغير شرط كان في أصله كان له أن يبيع ما استبدل بالوقف فيكون الوقف يباع في كل يوم، وليس هكذا الوقف ".

الرأي الثاني: أنه يجوز للقاضي الاستبدال إذا كان فيه مصلحة، وإن كان الواقف نص على عدمه، وهذا رأي أبي يوسف ومن وافقه من فقهاء الحنفية.. وبالجملة: هنالك شرط الواقف.. وهنالك مصلحة الوقف، فإذا عملنا برأي الواقف فوتنا المصلحة.. وإذا عملنا برأي الحاكم فقد عملنا بالمصلحة، وبقي شرط الواقف لا فائدة فيه ولا مصلحة للوقف غير مقبول (٣) ...

وبهذا يمكن القول بصحة الاستبدال مع اشتراط الواقف عدمه موافقا لقواعد الفقه الحنفي وإن لم يرد به نص.. وقد عدها ابن عابدين ضمن المسائل التي لا يصلح فيها مخالفة شرط الواقف. (٤)


(١) ٤ / ٤٢٥.
(٢) شرح فتح القدير: ٦ / ٢٢٨.
(٣) ص ٩٥.
(٤) أنفع الوسائل، ص١١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>