للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الأول

أهم أحكام الأوقاف فيما يتعلق بالتنمية والاستثمار

الوقف في الشرع: هو حبس مال ينتفع به على وجه الخصوص، وقد تعددت في تعريفه عبارات الفقهاء، حسب اختلافهم في بعض أحكامه.

١- الوقف عند الإمام أبي حنيفة - رحمه الله تعالى -:

الوقف: حبس العين على ملك الواقف، والتصدع بمنفعتها على جهة من جهات البر في الحال أو المال. (١)

فمن وقف بعض ماله على مسجد أو ملجأ ابتداء يكون متصدقا به في الحال، أما من وقف أرضه على شخص أو أشخاص ثم من بعدهم على مسجد أو مصحة كان متصدقا في المآل.

فالعين الموقوفة عند أبي حنيفة بمنزلة العارية، فالوقف في نظره تبرع غير لازم، وليست عارية حقيقية، لأن العارية تسلم إلى المستعير ولا تتم إلا بذلك التسليم، أما الوقف فإنه يتم بدون التسليم إلى أحد، لأن العين إما أن تبقى في يد الواقف، وهو الذي يتولى صرف منفعتها إلى من يشاء، أو يسلمها إلى من ينوب عنه في ذلك.

وعلى هذا لا تخرج العين الموقوفة عند أبي حنيفة عن ملك الواقف، لأن حرية التصرف فيها باقية طول حياته، وله الرجوع فيها متى شاء، وله بيعها وهبتها، وإذا مات بدون رجوع عنها انتقل ملك العين الموقوفة إلى ورثته، ويصنع بتلك العين كل ما يصنع بأمواله الموروثة، فهو غير لازم.

نعم يظهر أثر الوقف في العين على مذهبه في منفعة المال وغلته فيجعلها صدقة على الموقوف عليه في الحال أو المال. (٢)


(١) تحفة الفقهاء للسمرقندي: ٣ / ٦٤٨؛ الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي: ٨ / ١٥٨.
(٢) أحكام الوصايا والأوقاف، د. بدران بدران، ص ٢٦٠ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>